متى يرفع الغرب يده عن إفريقيا؟
كتب في ''وجهات نظر'' المفكر الاستراتيجي الأميركي بول كيندي يوم الثلاثاء 31 يناير المنصرم مقالا بعنوان: ''هل أصبحت إفريقيا خارج شاشات الرادار الروسية؟''، تحدث فيه عن كسوف الاهتمام الروسي بالقارة الإفريقية، حيث لم تعد روسيا تدبر الانقلابات، وتهلل للاضطرابات، في القارة السمراء، وإنما أصبحت روسيا بوتين مشغولة بهمومها الخاصة، وأما الجزء المحدود من طاقتها السياسية الموجه للاهتمامات الخارجية فهو موجه إلى الدول القريبة من روسيا نفسها، أو ذات الاحتكاك والتماس الاقتصادي والسياسي مع موسكو· والحقيقة أنني لو كنت أحد المسؤولين الروس لاعتززت بهذه الشهادة الثمينة التي ساقتها الصدفة من مفكر بحجم بول كيندي، ولـ''بروزتها'' وعلقتها على مكتبي· فهل هنالك ما هو أفضل لأية دولة في العالم من أن ترفع يدها عن شؤون الآخرين الداخلية، وتنشغل بهمومها الخاصة، وتعتني بعلاقاتها مع أكثر الدول والمنظومات الإقليمية قرباً منها؟ غير أن السؤال المطروح الآن هو: متى يقتدي الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بالمثال الروسي، ويترك القارة السمراء وشأنها، ويرفع يده عنها، خاصة أن الدول الغربية لا تقدم من المساعدات لإفريقيا في نكبتها التنموية إلا أقل القليل· بل على العكس، تتولى الدول الغربية الآن دوراً سلبياً مشابهاً لذلك الذي كان يقوم به الروس سابقاً، من تنظيم انقلابات، وخلق صراعات، وإشاعة أجواء الاحتقان وعدم الاستقرار في إفريقيا ابتداء من موزمبيق جنوباً وحتى السودان شمالاً· فمَن موَّل ونفخ النار في هشيم الصراع بين الهوتو والتوتسي؟ مَن دعم لعقود نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا؟ مَن يقف ضد عودة الأراضي إلى المزارعين الأفارقة الذين يتضورون جوعاً في زيمبابوي؟ مَن خرب الكونغو الديمقراطية، ودعم حركات التمرد في السودان؟ من يسعى لإشعال حرب إقليمية لا تبقي ولا تذر بين السودان وتشاد؟ هذا دون أن ننسى سؤال الأسئلة: من يستغل خيرات إفريقيا دون رحمة، ولا يعوض أهلها إلا التجاهل والتعالي المقيت؟ الإجابة لكل هذه الأسئلة هي: الغرب، الديمقراطي، الليبرالي، الإنساني، بل الإنساني جداً، لسوء الحظ!
عادل محمود- الشارقة