حتى فترة قريبة، وفي الأشهر التي سبقت وفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات، عندما كانت مقولة الإصلاح الديمقراطي إحدى الوسائل التي استخدمتها الإدارة الأميركية لاضعاف وضع رئيس السلطة الفلسطينية حينئذ ولإرباك الانتفاضة الثانية··· كان الاعتقاد السائد لدى الدوائر العليا في واشنطن هو أن مشاغلة الفلسطينيين بعملية انتخابية تتصارع فيها الفصائل والأجنحة، ستوفر أجواء مناسبة كي يندفعوا نحو حالة من التناحر الداخلي قد تكون مفيدة أيما إفادة لإسرائيل! بيد أن درس الانتخابات التشريعية الأخيرة، في الضفة الغربية وقطاع غزة، قلب تلك الفرضية ليثبتها معكوسة ووجه صفعة مؤلمة إلى صقور البيت الأبيض، بعد أن اكتشفوا خسارة رهاناتهم؛ إذ فازت حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' في اقتراع شهد الجميع بنزاهته، بينما رد الطرف الفلسطيني الخاسر، وهو حركة ''فتح''، بموقف متقبل للنتائج ويظهر احترامه التام لما قررته صناديق الاقتراع! هكذا إذن تفاجأ مراقبون كثيرون بنصاعة العملية الانتخابية، وسلاسة انتقال السلطة من فريق حاكم الى فريق معارض؛ أي الأمر الذي لم تألفه الحياة السياسية العربية سابقا! وربما من القياس على سوابق السياسة العربية وتقاليدها في هذا المجال، جاء الرهان على حرب فلسطينية تخرج شرارتها من صناديق الاقتراع·
هكــــــذا إذن أثبت الفلسطينيـــــون أنهــــم شعــــــب جدير بالنظــــام الديمقراطــي، وأنهــــم قـــــادرون على أن يشتقــــوا ممارســـة ديمقراطية راقــية ونظيفة، حتى ولو كان ذلك تحت الاحتــــلال وفـــي مخيمــــات اللجـــوء؟
خلف جواد- عمّان