الاستعمار سيئ ولكن!
في مقالها المنشور يوم الأربعاء على صفحات ''وجهات نظر''، تطرقت الكاتبة أماني محمد إلى موضوع شائك يتعلق بالتاريخ القريب لمعظم دول العالم الثالث، وهو تاريخ لم تندمل بعض جراحاته بعد· لقد تناولت الكاتبة نبأ إعلان فرنسا عن إلغاء تلك المادة من مناهجها الدراسية التي تمجد الحقبة الاستعمارية، وتركز على مناقبها دون الإشارة إلى سلبياتها التي لا تحصى· وقد جاءت هذه الخطوة الفرنسية بعد اشتداد الضغط من قبل بعض مستعمراتها السابقة التي عانت الويلات من بطش قواتها· ومع ذلك يتعين علينا الاعتراف بأن الاحتكاك مع الغرب عن طريق الاستعمار، كان له أثر إيجابي في انتشال شعوب العديد من الدول، بما فيها شعوب المنطقة العربية من حالة التردي التي كانت وصلت إليها وإطلاعها على النظم الحديثة في الإدارة والتعليم وغيرها· وإنْ كنت لا أوافق الكاتبة التي قالت إن الاستعمار فاقم وضعية التخلف التي كان عليها العرب، إلا أنني لا أومن أيضا بالرسالة الحضارية التي أطلقها المستعمر لتبرير استحواذه على ثروات الشعوب ومقدراتها· وعندما أقول إن للاستعمار بعض الميزات التي يجب عدم إغفالها تحت مسميات البطش والتنكيل، اللذين رافقا التجربة الاستعمارية، فإني أعلم جيداً أن قوى الاستعمار لم تكن تقصد التنوير بقدر ما كانت تهمها السيطرة والاستغلال· ومع ذلك أؤكد أنه عندما جاء الغرب إلى بلداننا مستعمراً، فقد وجد شعوبا ترزح تحت نير التخلف، حيث كان العرب إما تحت السيطرة العثمانية التي لم تكن تختلف كثيرا في بطشها عن المستعمر الغربي -مع الاحتفاظ بالفارق طبعا في مجال التقدم والعلوم- وإما أنها كانت شعوبا منسية في أصقاع نائية منفية عن الحضارة والعالم المعاصر·
ولعل أهم حسنات الاستعمار في نظري هو تلك الصدمة الذي أحدثها في نفوسنا وأطلقت الأسئلة الحائرة حول سبب تخلف المسلمين وتقدم غيرهم· وهي الأسئلة التي وضعتنا أمام هول أزمتنا وضرورة الإفادة من الغير حتى ولو كان مستعمرا للخروج من التخلف·
إبراهيم بلحمانية- المغرب