فوز حماس: مأزق فلسطيني أم إسرائيلي··· أم دولي؟
تداعيات فوز ''حماس'' في الانتخابات، والدعوة إلى إقامة علاقات طبيعية بين ''حماس'' وإسرائيل، ومضامين زيارة ميركل إلى فلسطين، ثم فشل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في التنبؤ بنتائج الانتخابات الفلسطينية، قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية·
''امتحان حاسم'': في افتتاحيتها ليوم الإثنين تطرقت صحيفة ''هآرتس'' إلى فوز حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وتداعيات ذلك على مجمل المسرح السياسي سواء في إسرائيل أو في الأراضي الفلسطينية· بدأت الصحيفة برصد الأصوات الإسرائيلية الداعية إلى التعامل بحزم مع السلطة الفلسطينية الجديدة كتأخير عملية تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، وإغلاق المعابر الحدودية، ثم مقاطعة ''حماس''· بيد أن الصحيفة تؤكد على ضرورة التعامل بواقعية مع المعطيات الجديدة التي فرضها فوز ''حماس'' وحصولها على تفويض شعبي واسع· هذا التفويض الذي لا يرجع، حسب الصحيفة، إلى تشبع الفلسطينيين بالأيديولوجية الدينية التي تتبناها ''حماس''، بقدر ما يعزى إلى رغبتهم، كما هو الحال مع مؤيدي الإخوان المسلمين خلال الانتخابات المصرية الأخيرة، في صعود نخبة سياسية جديدة نظيفة اليدين ومعنية أكثر بتحسين ظروفهم المعيشية الصعبة· وحسب ''هآرتس'' يعتمد نجاح ''حماس'' في اختبارها أمام الناخب الفلسطيني على نفس العناصر التي كانت تعتمد عليها السلطة السابقة: علاقات جيدة مع المحيط العربي، لا سيما الأردن ومصر، والالتزام بشروط الاتحاد الأوروبي لضمان تدفق الموارد المالية اللازمة، ثم إقناع الإدارة الأميركية بشرعية السلطة الجديدة· وفي غياب تام لإمكانية التوقيع على اتفاق سلام في المستقبل المنظور بسبب موقف كل طرف من الآخر على ''حماس'' أن تلتزم بالحد الأدنى في تعاملها مع إسرائيل باحترامها للهدنة والاستمرار في العمل باتفاق وقف إطلاق النار·
''السنوات الضائعة'': يدعو الكاتب ''توم سيجيف'' في مقاله المنشور على صفحات ''هآرتس'' يوم الثلاثاء الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى الاستفادة من دروس التاريخ وتأمل السنوات الطويلة من الفرص الضائعة والسلام التائه· ينطلق الكاتب من معطيات الواقع الجديد المتمثل في صعود ''حماس'' إلى السلطة والاستعداد لبدء علاقات جديدة مع إسرائيل ليأخذنا في رحلة إلى الماضي يرصد من خلالها الأخطاء المرتكبة· كانت جولدا مائير ترفض التفاوض مع الفلسطينيين، لأنه بالنسبة لها لم يكن هناك شعب فلسطيني، لذا أصرت الحكومة الإسرائيلية وقتها على رفض الحديث إلى منظمة التحرير الفلسطينية· لكن بعد استقالة جولدا مائير في 1974 تقدم بعض الوزراء بمقترح يدعو إلى فتح باب المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية في حال تخليها عن العنف واعترافها بالقرار الأممي ·242 ورغم رفض حكومة رابين في ذلك الوقت للمقترح، إلا أنه أصبح مشهورا في التاريخ السياسي الإسرائيلي تحت اسم صيغة ''ياريف شامتوف'' نسبة إلى وزير الصحة يومها الذي طرح المقترح· وظلت تلك الصيغة مجمدة لوقت طويل دون انقطاع الاتصالات السرية مع منظمة التحرير الفلسطينية التي أفضت في النهاية إلى التوقيع على اتفاق أسلو· وفي سنة 1994 عندما فاز رابين بجائزة نوبل للسلام دعا الوزير السابق ''ياريف شامتوف'' لحضور حفل التسليم عرفانا من رابين ببعد نظره وصواب موقفه الذي استدعى 25 سنة للتحقق· واليوم يتساءل الكاتب كم من الوقت سيضيع حتى تتفق ''حماس'' وإسرائيل على قبول بعضهما بعضا والاستفادة من دروس التاريخ؟
''زيارة ميركل إلى الشرق الأوسط'': في مقاله المنشور في ''جيروزاليم بوست'' يوم الأحد يتناول الكاتب الإسرائيلي إليوت جاكير الزيارة التي قامت بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية يوم السبت الفائت لتوضح الموقف الأوروبي من التطورات الجارية في المنطقة· وقد عبر الكاتب في المقال عن ارتياحه لأن ميركل قررت حصر لقائها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس دون سواه، وهو ما يعبر من وجهة نظره عن عدم استعدادها للتعامل مع ''حماس'' ما لم تغير موقفها من الدولة العبرية· وبالطبع يأتي الموقف الألماني متناغما مع التوجه العام الذي عبر عنه الاتحاد الأوروبي على لسان خافيير سولانا المسؤول عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي الذي شدد على ضرورة تغيير ''حماس'' لمواقفها العدائية اتجاه إسرائيل إذا ما أرادت الاستفادة من الإعانات المالية التي تحتاجها السلطة الفلسطينية· بيد أن الكاتب يشير إلى احتمال جنوح الأوروبيين تحت مبرر الواقعية السياسية إلى التعامل مع ''حماس''، خصوصا وأنهم لن يعدموا الحجج والذرائع مثل التفريق بين جناحي ''حماس'' السياسي والعسكري· ومن جانبها ستلجأ ''حماس'' إلى تطعيم حكومتها ببعض الشخصيات المعتدلة مثل وزير المالية الحالي للتعامل مع إسرائيل· ولا يستبعد الكاتب أن نشهد في المقبل من الأيام تعاملا أوروبيا مع السلطة الفلسطينية الجديدة، بينم