النتيجة التي حققتها حركة ''حماس'' ربما تكون قد فاجأت الجميع بما في ذلك قادة الحركة نفسها· وعلى رغم التهديدات الإسرائيلية الصريحة بتدمير المعبد على من فيه إذا فازت ''حماس''، وعلى رغم التهديد الغربي المبطن، فإن الناخبين الفلسطينيين آثروا أن يعاقبوا السلطة الفلسطينية، وقيادتها المنتمية إلى حركة ''فتح'' من خلال التصويت لـ''حماس''· وتبقى المشكلة أو التحدي الآن في مرمى الحركة نفسها، حيث على قادتها أن يغيروا من أداء حركتهم، وأن ينزعوا من الاحتلال أية فرصة يستغلها للتهرب من عملية السلام· كما أن هنالك فرقاً بين رجل الدولة الذي يتحمل المسؤوليات عن الشعب ومصالحه وحياته اليومية، وبين ناشط الحركة الغارق في أحلام الإيديولوجيا غير الواقعية، لذا على قادة ''حماس'' أن ينزلوا من أبراجهم العاجية، لمواجهة متطلبات الحياة اليومية للفلسطينيين، لأنهم إذا كان أداؤهم هم أيضا دون التطلعات سيصوت الناس ضدهم، فالديمقراطية تكليف وليست تشريفا كما يقال·
ومع الترحيب الحذر الذي قوبل به فوز ''حماس'' هنا في غزة، والتحفظ الغربي الذي اتخذ صيغا وأشكالا عديدة، إلا أن نتيجة الانتخابات وجهت ضربة لجهتين اثنتين هما، الإدارة الأميركية التي تزعم أنها ''رسول ديمقراطية'' في المنطقة، ولذا هي اليوم محرجة للغاية من التنكر لخيارات الناخبين الفلسطينيين، حتى وإن جرت رياح صناديق الاقتراع بما لا تشتهيه سفنها· أما الجهة الثانية فهي إسرائيل المحرجة للغاية، والتي كانت تعتقد بكل صلف أنها تستطيع أن تفرض على الفلسطينيين هذا الطرف أو ذاك بتهديداتها، بل إن تلك التهديدات ربما كان لها دور في دفع الشارع الفلسطيني إلى التصويت لـ''حماس''·
توفيق أبو لبيدة- غزة