انتهت يوم 23 يناير القمة السادسة للقادة الأفارقة التي عقدت في الخرطوم بمشاركة عشرات من رؤساء الدول أو من يمثلهم، وكان من أبرز الحضور رئيس جمهورية جنوب إفريقيا وزعيم الجماهيرية الليبية ورؤساء دول كينيا وإثيوبيا ونيجيريا والسنغال وغيرهم - ولم تعتذر عن المشاركة إلا ست دول إفريقية في حين غاب دون اعتذار رئيسا تشاد وجمهورية أريتريا وهما دولتان تجاوران السودان ولكن علاقتيهما مع الخرطوم ما زالت تشوبها بعض الشوائب·
وتزامن مع هذه القمة اجتماع قمة أخرى في الخرطوم للسيدات الأُول في إفريقيا· كان هو الاجتماع الرابع في سلسلة هذه الاجتماعات· ركز هذا اللقاء على مكافحة مرض فقدان المناعة ''الإيدز''، في إفريقيا وتوصل إلى خطوات يؤمل أن تساعد في إزالة أو تخفيض وطأة هذا الوباء·
أما قمة الرؤساء فقد بحثت قضايا متعددة مثل الأمن الإفريقي والتنمية واهتمت بشكل خاص بقضايا التعليم والصحة واتخاذ قرار بإنشاء منظمة إفريقية للثقافة والعلوم على غرار المنظمة الدولية المعروفة باسم ''اليونسكو'' وهو اقتراح قدمه السودان·
لقد كانت قضية تولي السودان رئاسة الاتحاد لفترة عام ،2006 كما هي العادة في كل بلد تعقد فيه قمة ذلك العام، مثار جدل طويل وانقسم الرأي بين معارض لذلك القرار ومؤيد له، وكان واضحاً أن تأييد السودان ينحصر في دول شرق إفريقيا الحاضرة للقمة حين عارضت أغلبية دول الغرب الإفريقي وكذلك الجنوب الإفريقي، وبذل السودان جهداً دبلوماسياً واسعاً للنجاح إلا أن النتيجة التي كانت أقرب إلى الحل الوسط هي أن تؤجل رئاسة السودان للاتحاد الإفريقي حتى العام القادم ،2007 وتسند رئاسة هذا العام لحكومة الكونغو ''برازافيل''، ورضي السودان بهذا الحل·
إن مجرد انعقاد هذه القمة في الخرطوم ونجاحها فيما تداولت حوله يعد انتصاراً لحكومة السودان ذلك لأن بعض الحكومات الإفريقية، وعلى رأسها حكومة تشاد، كانت قد دعت صراحة إلى أنه لا يجوز انعقاد القمة الإفريقية في السودان لأنه عجز عن حل مشكلة دارفور ولأنه فيما تدعي يتدخل في شؤونها الداخلية ويسعى لتقويض نظام الحكم فيها· كذلك رفع متمردو دارفور دعوة مماثلة وقالوا إنه لا ينبغي أن يتولى السودان رئاسة الاتحاد الإفريقي في هذه المرحلة ونزاعهم مع الخرطوم لم يحل بعد فكيف بالسودان رئيساً للاتحاد الإفريقي الذي يشرف على تفاوضهم مع الحكومة السودانية وتحاول قواته تحقيق الأمن والسلام داخل إقليم دارفور·
إن كثيرين كانوا يقدرون أن اجتماعاً كهذا لابد أن تعرض فيه أزمة دارفور ليقول القادة الأفارقة رأيهم فيها، ولكن جهود الخرطوم في ألا يكون هذا الأمر ضمن أجندة القمة نجحت وقرر اجتماع مجلس الوزراء الإفريقي قبيل القمة ترك ذلك الأمر ومعالجته وفق الوضع القائم وهو مواصلة الاتحاد الإفريقي رعاية مفاوضات الحل بين الحكومة والخارجين عليها والإشراف على وقف إطلاق النار والطلب من الدول الغربية زيادة دعمها لقوات الاتحاد الإفريقي لتكون قادرة على إنجاز المهمة بكفاءة·
لقد استغرق التحضير لهذه القمة من حكومة السودان وقتاً وجهداً كبيرين، وكان الإنفاق سخياً فأقيمت أكثر من ثلاثين (فيلا) خاصة وأعدت إعداداً كاملاً لاستضافة الرؤساء ومرافقيهم وجلبت الحكومة باخرة نهرية باهظة التكاليف خصصت لنقل الرؤساء عبر نهر النيل·
ثم كان أن عطلت كل دواوين الحكومة في العاصمة السودانية لثلاثة أيام كاملة هي فترة انعقاد القمة وما سبقها، وكان هذا إجراء لقي النقد من بعض الصحف المستقلة واعتبر إهداراً للوقت ليس له ما يبرره سياسياً وأمنياً·
وانفض هذا اللقاء المهم الذي وصفه كثيرون بالنجاح لاسيما في مستوى حسن التنظيم ودقته والالتزام الدقيق بمقتضيات البروتوكول·