العنصرية وتهافت حوار الثقافات
في مقالة ''رؤية عربية لحوار الثقافات''، المنشور في ''وجهات نظر'' يوم الخميس 19/1/،2006 يرى السيد يسين أن من أهم عناصر المبادرة العربية لحوار الثقافات ''ضرورة مواجهة العنصرية الغربية الجديدة، من خلال التحالف الثقافي بين المثقفين العرب والمثقفين الغربيين التقدميين''·
ونحن نستذكر (أولاً) أن ''العنصرية'' في الغرب قديمة/ جديدة، وأنها في مركز القلب من ''النزعة المركزية الغربية'' التي نشأت منذ خمسة قرون مع بدايات الكشوف الجغرافية، وتقوم (حسب الدكتور عبدالله إبراهيم، في كتابه: المركزية الغربية)، على ''نظرية الطبائع'' لدى أرسطو القائلة إن للشعوب طبائع ثابتة تتوارثها، وعلى أن ''الأوروبيين المنحدرين من الجنس الأغريقي يتسمون بميل فطري إلى ممارسة الحرية والعقل، وأن الشرقيين يتصفون باستمرائهم العبودية وبعجزهم عن الممارسة العقلية الصحيحة''· وهذا ما يفسر كون الحضارة الغربية (كما يلاحظ المؤرخ أرنولد توينبي في كتابه: الإسلام والغرب والمستقبل) تهدف إلى جمع العالم الإنساني كله في مجتمع كبير واحد، والسيطرة على كل شيء فوق هذه الأرض، وفي البحار والأجواء، التي ستصل إليها الإنسانية عن طريق التقنية الغربية الحديثة''، وهذا نفسه ما تهدف إليه العولمة في هذه الأيام·
ونستذكر (ثانياً) أن الغرب -الذي أباد ''الهنود الحمر'' واستعبد ملايين الأفريقيين واستعمر معظم آسيا وأفريقيا في الماضي- قام بعيد عام 2001 (وهو العام الذي اعتمدته الأمم المتحدة عاماً لحوار الثقافات)، باحتلال العراق ضارباً عرض الحائط بالشرعية الدولية، وبكل ما يمت إلى الحوار بصلة!
ونستنتج، في النهاية، أن الدعوة إلى حوار الثقافات هي ''الدعوة الصحيحة إلى الطرف الخطأ''، وأنها في أحسن الأحوال ''حب من طرف واحد''، وأنها على وجه التحديد ''حب من غير أمل''·
عبدالوهاب محمود المصري - دمشق