يختلف الكويتيون على كل شيء ويتجادلون في كل الأمور وليست هناك قضية سياسية أو اجتماعية أو تجارية أو ثقافية، إلا ونجد فيها فئات وأحزابا ومدارس متضادة ومتناقضة ولكنهم لا يختلفون على شيء واحد وهو حبهم لآل الصباح وتمسكهم بهم كحكام للكويت وحبهم للشيخ سعد العبدالله وخوفهم على بلدهم الكويت وعدم السماح لأي خطر أن يصيبه·· هذا ما قاله أحد الكويتيين وهو ما تؤكده الأيام والأحداث وآخرها هذه الأزمة التي انتهت بالأمس حول تحديد أمير البلاد·
لم يكن يملك المرء خلال الأيام الماضية إلا أن يقول أعان الله الكويتيين فيما هم فيه ففي الوقت الذي لم تجف دمعتهم على فراق أميرهم الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله وجدوا أنفسهم أمام اختبار صعب ووضع جديد وقرار كبير يجب أن يتخذوه وهو الاختيار بين الأمير سعد العبدالله الذي تمت تسميته أميرا للبلاد بعد وفاة الشيخ جابر وهو الأمير الذي يحبه ويحترمه كل الكويتيين ويدعون له بالشفاء دائما وبين طلب تنحيته بسبب مرضه وعدم قدرته على تولي دفة الأمور في البلاد وتسمية أمير غيره هو الشيخ صباح الأحمد رئيس الوزراء بدلا عنه··· فعلا إنه موقف صعب ولكن لابد من مواجهته من أجل الكويت والكويتيين·
ذلك الموقف الصعب استمر أياما ولم ينتهِ إلا يوم الثلاثاء الماضي عندما اضطر مجلس الأمة إلى عزل الشيخ سعد العبدالله بعد أن تأخر خطاب تنازله عن الحكم -والذي وصل فعليا بعد أن اتخذ المجلس قراره- لم تكن النهاية المتوقعة للأيام العشرة بهذه الصورة ولكن يبدو أن الظروف كانت أقوى من الجميع·
لقد كانت موافقة سمو الشيخ سعد العبدالله الصباح التنازل عن الحكم للشيخ صباح الأحمد متوقعة من الشيخ سعد -وإن وصلت ورقة التنازل متأخرة إلى البرلمان- فهو المعروف بأنه رجل المواقف الصعبة وأنه الرجل الوفي الذي يقدم ما يستطيع من أجل الكويت وأهل الكويت ويؤكد من جديد أن حب الكويتيين له كان وما زال في محله وإن لم يكن الشيخ سعد أميرا على البلاد فسيبقى أميرا في قلب كل كويتي··· شفا الله الشيخ سعد وأعان الشيخ صباح الأحمد على مهام الحكم ومسؤولياته الجسام· ويرجع أصل الأزمة الأخيرة إلى وضع الشيخ سعد الصحي·· وقد كان الشيخ سعد العبدالله سمي أميرا للكويت في 15 يناير الحالي بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد أمير الكويت السابق ونظرا للحالة الصحية التي يمر بها الشيخ سعد العبدالله فقد طلب مجلس الوزراء من مجلس الأمة (البرلمان) المضي في إجراءات تنحية الشيخ سعد بسبب تدهور حالته الصحية وتسمية الشيخ صباح الأحمد الصباح أميرا للكويت، وتم اتخاذ الخطوات في شأن طلب عقد جلسة سرية خاصة في مجلس الأمة صباح يوم الثلاثاء 24 يناير2006 لتفعيل نصوص القانون 4 لسنة 1964 في شأن أحكام توارث الإمارة والتي ترتبط بصحة الأمير الجديد وأهليته للحكم حفاظا على الوحدة الوطنية ولكن كانت هناك محاولات كبيرة وصادقة من أجل تفادي هذه الخطوة وحل الخلاف وديا داخل أسرة آل الصباح وقد يكون الأمر قد تم فعلا ولكن الورقة التي وصلت متأخرة كثيرا إلى البرلمان هي التي جعلت النهاية مختلفة فبدل التنازل صار هناك عزل للشيخ سعد ومن ثم زكي مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد أميرا للكويت·
ومن المعروف أن الشيخ صباح الأحمد الصباح يتولى إدارة شؤون الكويت اليومية منذ أربع سنوات بسبب مرض كل من الشيخ سعد والأمير المتوفى الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله· ويحظى رئيس الوزراء بدعم كثير من أفراد الأسرة الحاكمة وشعب الكويت·
بلاشك أن إصرار الكويتيين على تولي الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم في الكويت ينبع من رغبة حقيقية لدى أفراد الأسرة الحاكمة وأهل الكويت في تحريك البلاد ودفعها إلى الأمام لتواكب شقيقاتها دول الخليج التي انطلقت نحو الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية··· وهذه مسؤولية يدركها الشيخ صباح بل ويشارك أبناء شعبه فيها وهذا يجعلنا نراقب الكويت في الأيام والسنوات القادمة ونرصد التطورات والتحولات التي تشهدها·
ما حدث في الكويت خلال الأيام العشرة الماضية لم يكن بالأمر الغريب على هذا البلد والخلاف الذي كان على تحديد من يتولى حكم البلاد شبيه بكثير من الخلافات السياسية التي شهدتها الكويت خلال سنوات كثيرة ماضية وهذا أمر طبيعي في بلد ديمقراطي بل ويحسب للكويت في هذه الأزمة التي مرت بها أنها تمت في إطار العلنية، وفي أجواء تتسم بالشفافية والوضوح، وخصوصا أن سبب الخلافات ينطلق من اختلاف في وجهات النظر والاجتهاد··· ومن حب الطرفين المختلفين للشخصين وحرص الطرفين على الكويت ومستقبلها· كما أن من المهم ألا ننسى أن وضع الكويت فيه شيء من الخصوصية فعلاقة حكام الكويت وهم آل الصباح وشعب الكويت تقوم على أساس بيعة معقودة بين شعب الكويت وأسرة آل الصباح منذ أكثر 300 عام، فكل شيء يتم بالتوافق والاتفاق ولأهل الكويت الرأي والمشورة فيما يتخذ من قرارات وكان ذلك واضحا خلال الأيام الماضية من خلال تحركات أعيان الكويت لاحتواء الخلاف الذي كان وقول كلمتهم فيمن سيحكم· الجميع داخل الكويت وخارج