فشل إعادة الإعمار
في مقاله المنشور على صفحات ''وجهات نظر'' ليوم الثلاثاء تناول الكاتب والمحلل السياسي الأميركي بول كروجمان معضلة انقطاع التيار الكهربائي التي مازال يعاني منها العراقيون رغم مرور ثلاث سنوات على سقوط النظام وانطلاق جهود إعادة الإعمار التي تزعمتها الولايات المتحدة· واللافت للنظر أن العراقيين لم يكونوا بنفس درجة المعاناة من انقطاع التيار الكهربائي كما هو عليه الحال اليوم· ومعلوم أن التيار الكهربائي لا يؤثر فقط على الأهالي ويزج بهم في ظلام دامس يساعد خفافيش الظلام والإرهابيين على تنفيذ عملياتهم تحت جنح الظلام، بل يمتد الأثر السلبي أيضا إلى القطاع الصناعي والإنتاجي العراقي الذي عانى الأمرين جراء العجز الذريع في توفير الطاقة الضرورية لعمل المصانع وتحسين الاقتصاد· ويبدو أن الأخطاء الأميركية لم تقتصر فقط على الجانب السياسي، بل لامست أيضا الجانب الاقتصادي، لا سيما في مجال تأمين إمدادات الطاقة للقطاع الصناعي العراقي من خلال اعتمادها سياسات خاطئة أدت إلى تفاقم الوضع· ولعل من أبرز تلك الأخطاء الفشل في تأمين أنابيب نقل الغاز الطبيعي وعدم الاستثمار الكافي في بناء أخرى جديدة تنقل الغاز بكميات كافية لتوليد الكهرباء· فقد ركزت السلطات الأميركية عشية انتهاء الحرب على تعزيز البنية التحتية لإنتاج النفط الموجه للتصدير· وهنا تثار تساؤلات عديدة حول الأهداف الحقيقية من تبني مثل هذه السياسة التي ترمي إلى تصدير النفط العراقي والاستفادة من عائداته، بدل الانكباب على معالجة المشاكل المستفحلة التي يرزح تحت وطأتها العراقيون· فبالنسبة لأميركا ربما لا يهم أن يظل العراق غارقا في العتمة ما دامت آبار النفط تضخ خيراتها باتجاه الخارج·
وبدلا من تجديد الالتزام بمواصلة جهود إعادة الإعمار عن طريق ضخ المزيد من الأموال لإصلاح ما دمرته الآلة العسكرية الأميركية، يتهيب البيت الأبيض من مطالبة الكونجرس المصادقة على صرف أموال إضافية لدعم جهود إعادة إعمار العراق·
محمد عبدالرازق - أبوظبي