كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن إجمالي عدد العمالة في القطاع الخاص ارتفع إلى 2,47 مليون عامل مع نهاية العام الماضي، بزيادة قدرها 17% عن عام ،2004 وهو ما يعني أن صافي أعداد العمالة التي دخلت سوق العمل العام الماضي هو 396 ألف عامل، وهو ما يعني أيضا أن حجم العمالة في القطاع الخاص ارتفع خلال السنوات الخمس الأخيرة مليون عامل· وبسبب الطفرة الاقتصادية التي تشهدها الدولة حاليا وتحتاج إلى أيدٍ عاملة بالقدر نفسه، فإن نمو حجم العمالة قابل لزيادة مماثلة خلال الفترة المقبلة، في ظل زيادة مماثلة في عدد المنشآت الذي تجاور 475 ألف منشأة مسجلة لدى الوزارة حالياً، أي بمعدل منشأة واحدة لكل تسعة من السكان، وهو المعدل الأعلى عالميا!·
وفي طرح آخر للقضية ذاتها ولكن من زاوية مغايرة، أظهرت دراسة اقتصادية حديثة نشرت في التقرير الاقتصادي لبنك دبي الوطني، أن دولة الإمارات هي أكثر الدول الخليجية من حيث درجة الاختلال في إجمالي الوظائف التي يشغلها المواطنون مقابل الوظائف التي يشغلها الوافدون، إذ يشغل المواطنون في الإمارات 12% فقط من الوظائف مقابل 17% في قطر و19% في الكويت و28% في السعودية و45% في البحرين و46% في سلطنة عمان·
وفي خضم هذا الاختلال الواضح، الذي يبدو أكثر اتساعا وتسارعا مع الزمن، تقول هيئة ''تنمية'' إن إجمالي عدد المواطنين الباحثين عن عمل ارتفع إلى 35 ألف مواطن، بينما بلغ عدد الشواغر المتوافرة لدى ''تنمية'' حالياً 2,8 ألف وظيفة شاغرة قامت بعض شركات القطاع الخاص بعرضها على الهيئة بشروط متعددة، منها أن يكون راتب المواطن الجامعي 2000 درهم!
بصرف النظر عن حقيقة هذه النسب والمؤشرات، خاصة الرقم الذي تطرحه ''تنمية'' لحجم البطالة بين المواطنين (35 ألفا)، وهو إن صح، يعني ببساطة أن حجم البطالة بين المواطنين في الدولة يعادل أكثر من 20% من حجم قوة العمل المواطنة، مما يؤكد أن الغالبية العظمى من المسجلين لدى الهيئة إما متقاعدون أو عاملون أصلا في مهن لا تلبي طموحاتهم، فإن بيت القصيد في بطالة المواطنين هي المحددات الواقعية متمثلة في ''شروط'' القطاع الخاص·
إن قضية توطين سوق العمل مهمة بالغة التعقيد من الناحية العملية، فالقطاع العام الذي كان بمنزلة الملاذ شبه الوحيد لاستيعاب المواطنين لم يعد كذلك في ظل تشبعه من الوظائف وتزايد أعداد طالبي العمل من المواطنين، بينما القطاع الخاص الذي أصبح الملاذ الوحيد لحل مشكلة البطالة يعاني جملة اختلالات هيكلية تتطلب معالجات شاملة تتجاوز حدود واختصاصات وزارة أو جهة حكومية بعينها، وهذه الاختلالات هي ذاتها التي تقول عنها ''تنمية'' إنها شروط يمليها القطاع الخاص· إن الخطوة الأولى نحو استيعاب حقيقي للعمالة المواطنة في القطاع الخاص، تبدأ أولاً بإعادة هيكلة هذا القطاع، ومن دون ذلك ستظل مؤسسات هذا القطاع تفرز خللاً هائلاً فـي نظام الأجور بما تعرضه من معدلات رواتب متدنية للخريجين المواطنين، وهو ما يعوق بالتبعية خطط التوطين·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae