ستلتئم في العاصمة السودانية الخرطوم قمة أفريقية ينتظر أن تتخذ قرارات في عدد من القضايا الأساسية التي تهم القارة السمراء، بدءا من مسألة تمثيلها في مجلس الأمن الدولي في تركيبته التي يجري النقاش حولها منذ سنتين، ومرورا بمعضلة المديونية التي ترهق دول القارة، إضافة إلى قضايا التحول الديمقراطي، وانتهاء بالحروب والنزاعات الأهلية كوباء يجتاح أفريقيا بلا رحمة، إذ تدور على مقربة من مقر انعقاد القمة حرب ضروس في إقليم دارفور السوداني منذ ثلاثة أعوام، وقد عجزت كل المبادرات الأفريقية وغير الأفريقية عن إيجاد مخرج منها·
إلا أن القمة الأفريقية واجهت عواصف عاتية قبل انعقادها، إذ طالبت دول أعضاء في الاتحاد الأفريقي بتغيير مكان الانعقاد أو تأجيله، وذلك على خلفية التوترات الناشئة بين السودان وجارته تشاد، حيث تتهم كل منهما الأخرى بدعم جماعات معارضة، وبطبيعة الحال وجدت الدعوة التشادية من يساندها داخل المنتظم الأفريقي، خاصة في أسمرا التي تخاصم الخرطوم مخاصمة شديدة منذ عدة أعوام!
وهكذا أزاح الخلاف حول القمة ومكان انعقادها وتاريخه، الستارة عن مشهد أفريقي يعج بالخلافات والصراعات الحقيقية وغير الحقيقية، في حالة غير مألوفة كثيرا داخل المنظمة الأفريقية، ولعلها تذكرنا بقصص القمم العربية، وما يسبقها ويرافقها ويعقبها من ضجيج لا يفضي إلا إلى إثارة الغبار وتكثيفه حول قضايا أساسية ومصيرية!
فهل لأن القمة الأفريقية تنعقد هذه المرة في عاصمة عربية، أصابتها لذلك السبب عدوى القمم العربية وخلافاتها العقيمة؟
يمكن أن نرد بالإيجاب إلى حد كبير، خاصة أن مواقف الدول العربية الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، إزاء النقاش الدائر حول مكان القمة، يبدو محملا بظلال ثقيلة لما تشهده القمم العربية من مهاترات بين هذه العاصمة العربية وتلك، بما في ذلك الخرطوم أيضا!
لكن أليس من الأجدر بالأفارقة أن يدركوا أن النموذج العربي في حل الخلافات وإدارة المصالح المشتركة وتنظيم القمم، ليس هو الأمثل أو الأجدى على أية حال؟!
نادر شهلوب- لبنان