السؤال الذي يجب أن يفرض نفسه على الساحة اللبنانية الآن هو: من يتحمل نتائج الأزمة الحكومية التي طالت واستفحلت ووصلت إلى النقطة المؤثرة على مجمل الأنشطة السياسية والاقتصادية·· أو بصيغة أدق: من الذي سيتحمل نتائج كل ذلك·· هل هم الوزراء المعتكفون والوزراء غير المعتكفين؟·· هل هم محترفو السياسة ممن أصبحوا ضيوفا دائمين على الفضائيات العربية والأجنبية؟·· أم أن هؤلاء تحديدا هم أبعد الناس عن الحصاد المر لحالة الفراغ السياسي المستترة والناجمة عن الأزمة الحكومية وعن تداعياتها الاقتصادية·
وزير المالية اللبناني أطلق أمس تحذيرا شديد اللهجة من أن الوضع بات ينذر بالخطر·· وأن العواقب الاقتصادية الناجمة عن استمرار الأزمة الحكومية المتفاقمة منذ 6 أسابيع سوف تصل إلى مرحلة لا يمكن تداركها في المستقبل·
الشهادة هنا على لسان وزير المالية·· والتحذير يستند إلى حقائق ومعطيات وأدلة وشواهد توفرت لدى الوزارة المسؤولة عن ضبط ومراقبة وتقييم الإيقاع الاقتصادي، أي أن الوضع الذي فرضه الجمود الحكومي هو بالفعل خطير ومؤلم·
لبنان الذي يتمنى له كل العرب أن يتعافى وأن يستعيد دوره الرائد في المنظومة العربية مقبل على أزمة اقتصادية هو في غنى عنها، فهل ينتبه الجميع إلى خطورة الوضع قبل فوات الأوان وقبل أن يصل إلى نقطة اللاعودة؟·
لقد برزت خلال الساعات القليلة الماضية ملامح تهدئة، كان من أهم نتائجها توقف التصريحات النارية بين أطراف المعادلة السياسية اللبنانية، عبر اتفاق على الحوار لإنهاء أزمة وزراء ''حزب الله'' وحركة أمل المعتكفين، وبرزت العديد من العلامات والمؤشرات الإيجابية وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بقوله ''إن الجميع محكومون بالتوافق''·· وعبر عنه رئيس البرلمان نبيه بري عمليا عبر المبادرة لاستئناف الحوار، وكلها خطوات مهمة·
ولكن في ظل تراكم التأثيرات الاقتصادية للأزمة الحكومية فإن النوايا الحسنة والرغبات والأمنيات الطيبة ليست كافية للتعامل مع الموقف، والتصريحات المتفائلة لا تستطيع وحدها معالجة الأزمة الاقتصادية ولا تغيير ملامح الصورة· هي بالتأكيد عناصر مهمة ولكن يجب أن يتزامن معها إصرار حقيقي على الخروج من عنق الزجاجة والإسراع في معالجة الأزمة ليتفرغ الجميع إلى مواجهة المشكلات الاقتصادية التي لن يتحمل نتائجها سوى الشعب اللبناني وحده·