الحديث عن الاحتباس الحراري وانبعاث الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض يبدو بالنسبة للكثيرين حديثا مفتقرا للجاذبية سواء بالنسبة للمختصين والمعنيين بالتعامل مع هذه المصطلحات الصعبة أو بالنسبة للعامة ممن يعيشون على كوكب الأرض المريض أو الكوكب العجوز ولا يجدون تفسيرا لمعاناتهم يكون مفهوما لهم ومصحوبا بوصفة وقاية قابلة للتنفيذ·
هذه الصعوبة في الفهم وفي التقبل لا تقلل من خطورة المشكلة ومن نتائجها ومن طريقة التعامل معها والتي تجسد كل تناقضات عصر العولمة والقرية الكونية· فمن ناحية التداعيات والنتائج يضع العلماء سيناريوهات مخيفة في حال استمرت الظاهرة واستمرت أسبابها· وبعيدا عن التفاصيل التي تجعل المشكلة تبدو صعبة الفهم والتي تمر حتما بالحديث عن طبقات الغلاف الجوي وعن طبقة الأوزون وعن الحماية الطبيعية من الإشعاعات الشمسية والكونية المدمرة، فإن الاحتباس الحراري يمكن أن يؤدي إلى جفاف وتصحر يدمر الحياة في مناطق هائلة من الأرض،ويمكن أن يؤدي إلى ذوبان جبال الجليد الهائلة في القطبين الشمالي والجنوبي وهو ما يعني إغراق جميع دول العالم المطلة على البحار والمحيطات، ويمكن أن يؤدي إلى اضطرابات مناخية تجعل تسونامي وكاترينا وغيرهما من الكوارث الطبيعية حدثا عاديا متكررا· وباختصار فإن الاحتباس الحراري الناتج عن الانبعاثات الغازية الصناعية يمكن أن يحول الحياة على الأرض إلى جحيم حقيقي·
هذه الحقائق تقودنا إلى طريقة التعامل مع المشكلة والتي تكشف لنا أن أكثر الدول الصناعية ثقلا وأكبرها تأثيرا على الغلاف الجوي بسبب أنشطتها الصناعية العملاقة المسببة لانبعاث الغازات الكربونية الضارة هي أقلها استجابة للجهود العالمية لحماية الكوكب العجوز· وأن الدول النامية الفقيرة صناعيا والتي ليس لأنشطتها تأثير يذكر على سلامة الأرض هي المطالبة بتحمل العبء الأكبر في المواجهة· ويكفي للتدليل على ذلك أن نشير إلى أن الولايات المتحدة وأستراليا وهما على التوالي أكبر باعثتين للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، هما الدولتان الوحيدتان اللتان لم توقعا على بروتوكول كيوتو الذي يحدد أهدافا ملزمة قانونيا لخفض الانبعاثات الغازية·
مواجهة الاحتباس الحراري تتطلب إمكانات تفوق قدرة كل الدول النامية·· إنقاذ كوكب الأرض الذي نعيش عليه مهمة لا يقدر عليها إلا من يملكون أسباب العلم وأسرار الصناعة ومقومات الثراء وبدون مشاركتهم سيستمر التدهور في كل مقومات الحياة على الأرض·