ربما يتذكر بعضنا مر الشكوى الذي عبر عنه معدو تقرير التنمية البشرية العربية قبل نحو عامين إثر منعهم من إجراء استطلاعات لاتجاهات الرأي العام حول قضايا أساسية يتعرض لها التقرير، في أغلب الدول العربية· وربما نلاحظ جميعا أنه لا يكاد يوجد بين بلداننا العربية القليلة التي تعرف تنظيم انتخابات من وقت لآخر، بلد واحد نتعرف فيه على اتجاهات الناخب وميوله وخياراته قبل الاقتراع، لأنه خلافا لغالبية دول العالم، لا يسمح في الوطن العربي بأي مسوح للآراء، سواء تعلقت بقضايا سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، أو حتى بيئية!
إلا أنه رغم الحظر التام لهذا النوع من أدوات المجتمع الديمقراطي، فإن هناك رأيا عاما عربيا لا يمكن التشكيك في وجوده، ونحن نلمسه في ميادين ومناسبات ومنابر مختلفة، وهو رأي عام، بغض النظر عن طبيعته واتجاهه، يتقارب في كثير من البلدان العربية حول قضايا كبرى يعتبرها كلية ومشتركة في الإطار القومي؛ إذ يهتم بها في المغرب مثلما يهتم بها في عمان ولبنان والعراق واليمن··· دون اعتبار للإطار المحلي ومعطياته الآنية·
وقد تجلت مظاهر الرأي العام العربي في مواقف كثيرة، لنذكر منها فقط الحملة الشعبية لمساندة الانتفاضة الفلسطينية عام ،2000 والتي رأيناها تتحرك بإرادة شعبية محضة، في مدن عربية مختلفة، وتجمع التبرعات المالية لصالح الفلسطينيين·
هناك إذن رأي عام عربي، لكن يمكن أن نعيب عليه هيمنة الأهواء العاطفية، وقلة البصيرة وضعف القيادات، والافتقار إلى الشجاعة إزاء القيود التي تفرضها بعض الحكومات··· بيد أنه مع ذلك رأي عام مخلص وصادق ومتجانس إلى حد كبير، فهو موجود إذن·
كريم شكري- تونس