عكست الاستراتيجية التي رسمتها الحكومة لقطاع الاتصالات، مؤخراً، نيتها تشجيع البحث العلمي والتطوير، من خلال تخصيص نحو 200 مليون درهم على الأبحاث والتطوير لدعم هذا القطاع، في إطار سياسة الدولة الرامية إلى تنويع القاعدة الاقتصادية والتحول إلى مركز رئيس لتكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات في المنطقة· يشكّل هذا التوجه بادرة نوعية يمكن توسيعها وتنويعها لتشمل القطاعات الاقتصادية جميعها، خاصة الصناعية، بعدما اكتسب البحث العلمي وما يلعبه من دور محوري في خدمة التنمية الصناعية والاقتصادية أهمية كبيرة تعاظمت في الفترة الأخيرة التي بدأت تشهد تغيرات اقتصادية كاسحة في ظل تحرير التجارة وقوانين منظمة التجارة العالمية والعولمة التي عملت على انفتاح الأسواق أمام السلع والخدمات والتقنية، بكل ما يترتب على ذلك من بروز أجواء تنافسية حادة البقاء فيها للأفضل أو بعبارة أخرى الوجود فيها لمن يملك الميزة التنافسية العلمية والتقنية والقدرة على التطوير والإبداع وتحويل الأفكار الخلاقة إلى سلع ومنتجات متميزة سهلة التسويق·
تشير الأرقام المتاحة إلى أن دولة الإمارات تأتي في مراكز متأخرة على قائمة تقديرات إنفاق دول العالم على البحوث العلمية والتطوير التقني، حيث لا يتجاوز حجم الإنفاق على البحوث العلمية والتطوير التقني في الدولة 0,15% من إجمالي الناتج المحلي، بينما تتعدى هذه النسبة 3% من إجمالي الناتج المحلي في الدول الصناعية· ومع التقدير الكبير لما سجلته دولة الإمارات من تطور ملحوظ في مجالات التنمية الاقتصادية والصناعية، حتى بات عدد المنشآت الصناعية في الدولة يزيد على 3 آلاف منشأة يتجاوز حجم الاستثمار فيها 100 مليار درهم، وتستخدم أحدث التقنيات الصناعية وتطرح منتجات عالية الجودة، إلا أن دولة الإمارات ما تزال تعتمد على استيراد الخدمات التكنولوجية، في ظل غياب تصور واضح لأهمية البحث والتطوير كجزء من البنية التكنولوجية والعلمية اللازمة للتنمية الصناعية، وعدم وجود تنسيق بين الجامعات والمعاهد والفعاليات الصناعية، والأهم من ذلك غياب التشريعات المنظمة والمحفزة للبحث والتطوير في الدولة· وفي الوقت نفسه فإن ما يؤخذ على دولة الإمارات في هذا الشأن ليس ضعف الإنفاق على أنشطة البحث والتطوير فحسب بل غياب التعاون والتنسيق بين مراكز البحوث والتقنية المحلية أيضاً·
إن استراتيجية قطاع الاتصالات في الدولة يمكن توسيعها وتنويعها من خلال استراتيجية شاملة تعمل على خلق البيئة المناسبة للبحث والتطوير، ومن ذلك التشريعات المنظمة للبحوث والحوافز للاستفادة منها، وتطوير مؤسسات البحث العلمي لجعلها حاضنة حقيقية للمواهب العلمية، وإيجاد تعاون وثيق ما بين القطاعين الحكومي والخاص، وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير، وإنشاء المزيد من مراكز البحوث، ودعم القائم منها، وتسويق مخرجاتها من نتائج البحث حتى تجد طريقها إلى التنفيذ العلمي· وتشجيع الكيانات الإنتاجية المحلية على الدخول في شراكات مع الجامعات والكليات ومؤسسات البحث العلمي المحلية بهدف تمويل البحوث الأكاديمية المهتمة بتطوير القطاع التي تنطوي تحتها هذه الكيانات، ونظم المعلومات إلى جانب رعاية المؤتمرات والفعاليات التي تولي اهتماما بهذه القطاعات الإنتاجية وكذلك التعاون المباشر مع مؤسسات القطاع الخاص·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae