ماذا بين المهرجان وبين الموت؟···
ماذا ينقص الاحتفال لينقض الموت معلناً حضوره المعتم؟···
ماذا يبقى حين يكون الموت السيد والغالب في لعبة الحياة؟
ذهب مكتوم···سند دبي··· والدها الطيب الذي يَكِنُ له الجميع المودة والاحترام العميقين· غادر مسرعاً··· مترجلاً··· ملوحاً بحنين يصعب وداعه وبغصة تبدأ ولا تنتهي مع الاحتفال أياً كان·
أنتَ الأهم من كل الاحتفالات··· والزينة والأضواء، لكنكَ آثرت السفر في الرحلة المنتظرة الواقفة متربصة بنا جميعاً··· فرداً فرداً·
فلم يكن سواك دبي··· وعطرها ومآثرها حين ينهشها الساقطون من ضوء النجاح، الحاقدون على ألقها واختلافها الملفت·
لم يسعفنا الوقت لنخبرك أنك دائماً هنا في صميم مشاعر تعشق الوطن وترابه وبحره، ولم تتح لنا الدنيا لنجاهر بأنك دائماً حاضر وحتى وإن طالت المسافات بين الحياة والحياة·
أسفاً دبي···
حين تشيعين خير أهلك··· وحين لا يكون للمهرجان وللعيد مذاق···
وحين تنتهي حكايات الانتظار لغد يشبه الغد في نوره·
دبي··· دانة الدنيا تقف ملوحة لطيّب الذكر··· وطيّب الثرى بإذن الله·
صعبة هذه الحياة التي ما هي إلا لهو ولعب وفتنة، لكن من يقرأ أبجدياتها، يدرك كم هي قاسية هذه الحياة وكم هي زبد بحر لا يبقي··· ولا يذر·
مواجهة الموت تعني الوجه الحقيقي للحياة، تعني إعادة حسابات للاستعداد لرحلة أبدية أكثر وضوحاً من عبث الدنيا وقلقها·
ذهب شيخ دبي الذي كان وجهها الباسم المؤثر في أفئدة أهلها حنواً وعطاءً·
اتشح المهرجان بالسواد···
واعتمت الألعاب النارية التي كان متفقاً أن تكون ضوء دبي·
ماذا بقي من الأضواء؟ وماذا بقي من الاحتفال سوى عزاء وسرادق في كل أنحاء المدينة الأصيلة· ليلها طويل هذه الليلة، ونهارها بلا شمس غداً وحزننا يضاهي اتساع بحر الوطن· من سيكون في عداد الراحلين غداً؟
من سيقف في الصف الطويل··· الطويل انتظاراً ليد القدر لتنفذ أمر رب العباد؟
كلما زهونا بغرورنا···فاجأتنا الدنيا بموت ومصيبة··· حتى لا نصدق أننا أسياد الأرض ومالكوها· كلنا موتى··· لكنه إعلان الموت حين يختار من يشاء وحين نودع سيد قومه طيبة وخلقاً· لم تكن سوى سماء··· وأرض وكنا مثلك لا نعشق إلا هذه الرمال···
طيّب الله ثراك··· وأحسن إليك· وغفر لك بدعائنا وعملك الصالح·
أسفاً دبي···
حين لن تزدهي الليلة بعرس جديد···
حين تتكئين على ذراع الحزن منتحبة، وحين تجمعين أبناءك ليذهبوا معك يوارونه الثرى···
للموت موعد لا يخون···
وموعده اليوم الأصعب···
أسفاً مكتوم·