التنبؤ بما قد يحدث خلال السنة الجديدة أمر ينطوي على الكثير من المخاطر بالنسبة لصحافي في مثل سني، خصوصا وأن شبكة الإنترنت تحتفظ بكل الأشياء للأجيال المقبلة· فما قد يبدو للقارئ أمراً ينم عن نفاذ البصيرة وبعد النظر في يناير قد يصبح ضعيفاً وضرباً من ضروب التكهن في ديسمبر من العام المقبل· ولهذا، وحتى لا أخوض غمار هذه المغامرة غير المأمونة الجانب، أقدم فيما يلي بعض الأفكار والاحتمالات الشخصية بخصوص الساحتين الأميركية والدولية، والتي قد تستأثر باهتمام وسائل الإعلام خلال ·2006
فعلى الصعيد الداخلي، سيكون للرئيس بوش هامش قليل من المناورة قبل انتخابات الكونغرس المقبلة· ومن المحتمل أن يفشل في حمل الكونغرس على الموافقة على مقترح التأمين الاجتماعي، ولكنه قد ينجح في تمرير الإصلاحات الضريبية· وبخصوص الهجرة غير الشرعية، قد ينجح في الحصول على موافقة الكونغرس من أجل تعزيز إجراءات المراقبة على الحدود مع المكسيك، وبالمقابل، يحتمل أن يواجه معارضة قوية في حال أقدم على تسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين الموجودين بالبلاد والمقدر عددهم بما لا يقل عن أحد عشر مليون شخص·
كما يتوقع ألا تؤدي الانتخابات المقبلة إلى انتزاع الأغلبية سواء في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ من قبضة الحزب ''الجمهوري''· وبما أن ''الجمهوريين'' يبسطون سيطرتهم على مجلس النواب، فعلى ''الديمقراطيين'' الحصول على انتصار كبير في الانتخابات المقبلة إن هم أرادوا تغيير موازين القوى· والأمر نفسه ينسحب على مجلس ''الشيوخ'' حيث من المرجح ألا يفقد ''الجمهوريون'' الأغلبية في المجلس·
وعقب الانتخابات سيغدو الأمر سهلاً نسبياً بالنسبة لإدارة الرئيس جورج بوش الذي ستكون ولايته تشرف على الانتهاء حينها، فيما سيكون الكونغرس منشغلاً بقضاياه الداخلية في أفق الانتخابات الرئاسية ·2008 وحينها سنرى المرشحين الذين يزعمون أنهم لم يفكروا يوما في الترشح لمنصب الرئيس يطفون فجأة على السطح· وستكون هيلاري كلينتون واحدة منهم وستترشح باسم الحزب ''الديمقراطي'' فيما سيترشح جون ماكين باسم ''الجمهوريين''· غير أن السيدة كلينتون والسيد ماكين سيجدان أنفسهما يتنافسان إلى جانب عدد من المرشحين الذين ظهروا على الساحة السياسية فجأة، والذين يؤمنون بأنهم سيبلون بلاء أفضل من أي منهما·
وعلى الواجهة الخارجية، سيحتفظ العراق بأهميته سنة ،2006 وبنهاية السنة ستصدر المحكمة حكمها بالإعدام في حق صدام حسين بتهمة ارتكاب جرائم في حق الإنسانية، وستكون القوات الأميركية قد بدأت في تقليص حضورها، فيما ستعمد القوات الباقية إلى عدم المشاركة بكثرة في العمليات العسكرية بعد أن تكون دفعت الوحدات العسكرية العراقية إلى الخطوط الأمامية للجبهة لمحاربة الإرهابيين و''البعثيين'' والمقاتلين الأجانب، وربما يكون وزير الدفاع دونالد رامسفيلد قد غادر منصبه· أما ماذا سيكون حل بالساحة السياسية العراقية، فلا أحد يجرؤ على التخمين· ولكن مهما يكن من أمر- سواء حرب أهلية أو دولة إسلامية أو ديمقراطية مبتدئة- فإنها ستكون من فعل العراقيين، وليس الولايات المتحدة·
في المناطق الأخرى من العالم، سيكون الإيطاليون قد انتهوا من تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية بدون عرقلة من ''القاعدة''· وستكون كوريا الشمالية أو إيران - ومن المرجح أن تكون إيران- قد تمكنت من امتلاك السلاح أو الأسلحة النووية· أما فيديل كاسترو فربما يختفي من الساحة في كوبا، فيما سيتمكن الكوبيون بزعامة العسكريين من صد هجوم المنفيين الكوبيين القادمين من ميامي، والذين يرغبون في العودة إلى كوبا لاستعادة ممتلكاتهم التي سُلبت منهم·
أما الأمم المتحدة، فستكون بصدد البحث عن خليفة لكوفي أنان المنتهية ولايته، بعد أن تكون قامت بإجراء إصلاحات هامشية على هذه المنظمة الدولية· وفي حين ستؤيد الولايات المتحدة مرشحا يتمتع بالحماس والمؤهلات لتحقيق المزيد من الإصلاحات في المنظمة الأممية، ستدافع كل من الكتلتين الآسيوية والأميركية اللاتينية عن المرشح الذي يخدم أجندات ومصالح كل واحدة منهما· أما توني بلير، الذي دعم بقوة الولايات المتحدة في العراق، فسيكون قد وصل إلى نهاية ولايته في بريطانيا، وقد يتلقى دعوة من أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية أو إحدى الجامعات المرموقة في الولايات المتحدة لإلقاء محاضرة·
في هذه الأثناء، سيواصل اقتصاد الهند نموه السريع، وفي حين ستواصل الشركات الأميركية نقل المزيد من الوظائف في القطاعات المتصلة بالتكنولوجيا العالية إلى الهند، وستشهد الرواتب في هذه الأخيرة ارتفاعاً، ما سيدفع الشركات الأميركية إلى البدء في البحث عن يد عاملة أرخص بديلة في بلدان أخرى· وبالمقابل، سيبدأ اقتصاد الصين في الفتور والعودة إلى وتيرته السابقة، ومع ذلك سيكون على العالم أن يتعامل مع الصين على أنها القوة العالمية القادمة· وسيسعى نظامها الحاكم إلى الحفاظ على السلطة الداخلية للبلاد في قبضة الحزب الشيوعي، غير أنه لن يكون في مأمن من تحدي الرأسمالية