حاولت أميركا زراعة الديمقراطية في مصر بشتى الطرق حتى ولو حدثت انتهاكات للحرية والديمقراطية تحت المسميات الجديدة، لأن هذه فترة جديدة ومسموح فيها بالمخالفات على أمل أن تراعى في المرات القادمة· وفرحت أميركا بمرشح ''حزب الغد'' عندما دخل انتخابات الرئاسة وساندته ببعض التصريحات واعتبرها هو شخصياً أنه أقوى من القانون وشطح خياله إلى أبعد من التصريحات· وهنا ''وقعت الواقعة''، وهي ببساطة أن مصر وضعت شخصاً في السجن مقابل جريمة يعاقب عليها القانون· وأميركا ترفض هذا الحكم، وترى أنه تصفية حسابات بين السلطة ونور، وإلى هنا لا مانع من أن تصرح دولة ما بأن هذا يعجبها أو لا يعجبها· ولكن أن تتدخل بقوة وتطلب بالأمر، الإفراج عن أيمن نور، فهذا يعد تدخلاً سافراً في سياسة دولة ذات سيادة· والغريب أن أميركا تحاول شراء دور مصر في لعبة السياسة الدولية والإقليمية·
وفي تقديري أن ما يفعله المرشح الغني القوي بأصوات ''الغلابة'' هو بالضبط ما تفعله الدولة العظمى بأصوات الدول المغلوبة على أمرها، مقابل أن تلعب الدولة العظمى دور الدولة القوية التي تعمل كفلتر لكل قرارات الدولة المطيعة، ولابد أن يمر عليها كل قرار ولا يعلن إلا بعد الموافقة عليه·
هنا الكارثـــة· دولة تحكـم على متهــــم بالسجن ودولـــة عظمى تأمــر بإطـــلاق ســراح هــذا السجين وإلا فرضت عقوبــات على الدولـــة كلهــا أي سيتضرر المجتمع كلــه· وهنا تكمن لعبــــة القـــوة وطــول النفــس والكرامــة·
د· مراد راغب حنا- أبوظبي