الديمقراطية ليست مجرد اقتراع
شد انتباهي مقال الدكتور أحمد يوسف أحمد ''الانتخابات العربية: تشابهات عرضية أم سمات بنيوية'' (الاتحاد، الثلاثاء 27 ديسمبر 2005)، خاصة مقارنته اللطيفة والدقيقة بين ثلاثة انتخابات عرفتها الساحة العربية في الآونة الأخيرة؛ في كل من العراق وفلسطين ومصر· وكما لاحظ الكاتب فإنه على الرغم من أن اثنين من تلك الانتخابات قد جريا في ظل الاحتلال المباشر (في فلسطين والعراق)، فإن الانتخابات المصرية، وإن أجريت في ظل نظام حكم مصري، إلا أنها شهدت مستوى عاليا من العنف مقارنة مع الهدوء النسبي الذي ميز ظروف الانتخابات في العراق وفلسطين، مما يثير قضايا عديدة ويستدعي الكثير من التساؤل؛ من ذلك مثلا: أهلية المجتمع العربي للممارسة الديمقراطية، وجذور النظرة العربية إلى السلطة وشاغليها، وحجم التأثير المترتب على غياب الثقافة السياسية، ومدى الترابط بين نخب الحكم والدولة ذاتها، وما الذي تغير في قواعد المشروعية السياسية لهذه النخب؟ وكيف تجلت الأضرار الوخيمة لاستقالة الطبقة الوسطى من مسؤولياتها التاريخية؟ وما هي الإمكانيات التي ينطوي عليها التحدي الأجنبي (الاحتلال) كرافعة محتملة للتطور الديمقراطي؟ وهل النخب المحلية مؤهلة لقيادة التحول نحو تعددية سياسية سليمة؟
وإذ لا يتوقف الكاتب عند أي من تلك القضايا والتساؤلات، فلأنها ليست موضع مقاله بشكل مباشر، بيد أنه يطرح فكرة مهمة وقيمة في هذا الصدد: ''ثمة عوامل بنيوية إذن ما زالت تعترض المسار الديمقراطي، سواء كانت هذه العوامل داخلية مثل طبيعة السلطات الحاكمة ومدى ثقة الرأي العام فيها ودور المال في تزييف إرادة الناخبين، أو كانت عوامل خارجية تتعلق برغبة قوى الهيمنة الخارجية في التوصل إلى نموذج ديمقراطي بقياسات تلائــم مصالحهــا، وكلا النوعين مــن العوامــل يحمــل نذر خطــر داهــم بالنسبــة لمستقبــل الإصــلاح السياســي والديمقراطية فـي الوطـن العربي''·
من هنا أقول إنه ربما لازالت تفصلنا مسافة زمنية وسياسية وثقافية واجتماعية واسعة عن بلوغ النظام الديمقراطي في بلادنا العربية، ومن ثم يتعين أن نجابه عوامل بنيوية وثقافية هي أعمق وأشد تعقيدا من مجرد فتح مكاتب اقتراع للناخبين وإعلان ''النتائج''!
فايزة حماني- الجزائر