مثل طلب الحكومة التشادية الذي تسلمته أمانة الاتحاد الأفريقي مؤخرا، والذي طالبت فيه انجامينا بتغيير مقر انعقاد القمة الأفريقية القادمة من السودان إلى بلد آخر، ذروة جديدة في التوتر بين انجامينا والخرطوم·
وقد جاءت هذه الصفحة من غياب الود في علاقات البلدين الجارين على خلفية معقدة من الصراعات الإقليمية المتداخلة، أبرزها ما يحدث في إقليم دارفور السوداني المتاخم لتشاد من قلاقل تجاوز عمرها ثلاثة أعوام، إضافة إلى مشكلة التمرد المسلح ضد نظام الرئيس إدريس ديبي في أكثر من إقليم تشادي·
وعلى خلفية التداخل العرقي والقبلي بين دارفور وتشاد، خاصة أن قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها الرئيس ديبي تتصدر أجزاؤها السودانية عملية التمرد القائمة في دارفور، ومن ثم توجست الخرطوم خلال السنوات الماضية من وجود يد للحكومة التشادية وراء حدوث ذلك التمرد! ومن المعروف أن ديبي حينما كان يقود فصيلا متمردا في الثمانينيات كان السودان الدولة الأساسية التي رعت حركته، وقد اتخذ من دارفور نقطة ارتكاز وانطلاق مهمة لعمله ضد نظام انجامينا في حينه! وبحكم الخبرة والعلاقات الاجتماعية الممتدة، واستنادا على شواهد ومؤشرات كثيرة لوحظت على مدى العامين الماضيين، فقد اشتكت الخرطوم علنا من الدور التشادي في تغذية التمرد القائم في دارفور·
وفي غياب علاقات مماثلة يمكن أن تربط الحكومة السودانية بحركة التمرد التشادية، فإن الاتهامات التي وجهتها تشاد إلى السودان بدعم الحركة، جاءت ضعيفة وغير مقنعة بالمرة·
فإذا كانت حكومة ''الإنقاذ'' قد تبنت في مرحلة من المراحل ممارسة نوع من التأثير الفكري على عدد محدود من ساحات الجوار، فلا يبدو أن ذلك يصلح اليوم حجة للاستمرار في اتهام السودان الذي تحكمه الآن حكومة ائتلافية، بالوقوف وراء أي اضطرابات داخلية يشهدها بلد من البلدان الأفريقية الشقيقة المجاورة!
وهنا يتضح لنا بعض الأبعاد في ذلك التوتر الذي تحاول جهات خارجية أن تدفع به نحو مزيد من التصعيد، لكن يبقى لنا أن نعول على حكمة أصحاب القرار في البلدين، وإدراكهم لحساسية المرحلة وظروف القارة والمنطقة شبه الإقليمية للسودان وتشاد·
الزين عبد الهادي- الخرطوم