احتفلت الإمارات خلال الأسبوع الماضي بالعرس الخليجي السادس والعشرين، نعم فقد تبين للعقلاء من الناس أن التشرذم والفرقة شر محض، وتقدم الإمارات اليوم نموذجاً للاتحاد الناجح الذي تمكنت خلاله القيادة من تجاوز العديد من التحديات وهي تعد العدة للمرحلة القادمة من الاتحاد وهي مرحلة التمكين كما أطلقت عليها قيادة الوطن·
هذه التجربة تقودنا إلى النظر للواقع الخليجي من زاوية مهمة وهي الفرق بين الوحدة و الاتحاد، فالدول العربية ومنذ نعومة أظفارنا نسمعها تتحدث عن الوحدة العربية الكبرى، ذات التوجهات الاقتصادية والسياسية والفكرية، لكن هذا التوجه ما زاد العالم العربي إلا تشرذماً، وانهزاما أمام الواقع الدولي الذي يمر به العالم، حتى أصبح العرب لا يعرفون لهم وجهة·
لو قارنا بين مفهوم الوحدة العربية واتحاد دولة الإمارات لعرفنا أن المرحلة القادمة لمجلس التعاون ينبغي أن تتجه نحو الاتحاد الذي يجمع الكل تحت مظلة مشتركة، وفي نفس الوقت يتيح للكل حرية التحرك داخل هذه المظلة، كما هو حال دولتنا اليوم؛ فهي متحدة لكن لكل إمارة طعمها الخاص الذي تتميز به عن غيرها، مما جعل المواطن والمقيم في هذه الدولة يستغرب من هذا التناسق وفي نفس الوقت التسابق للإبداع والابتكار والتجديد ومن ثم العطاء·
إن دول مجلس التعاون مدعوه اليوم للاستفادة من تجربة اتحاد الإمارات، كي نكون لأننا كدول متجاورة ومترابطة بأواصر الدين واللغة والتاريخ وكذلك التحديات إما أن نواجهها بنفس متسق أو البديل لا قدر الله هو ألا نكون· هناك إنجازات تحققت بلاشك، وأخرى مخطط لها كالعملة الخليجية المشتركة، والتنقل بين الدول بالبطاقات الشخصية، وغير ذلك من طموحات ملموسة أو متوقعة، لعل غيري من أصحاب التخصص يكتبون حولها غير أنني كتربوي لعلي أسطر هنا بعض الطموحات الخليجية في صعيد التربية والتعليم·
في ميدان التربية والتعليم هناك إنجازات متحققة بلاشك، فكلنا يعرف الكم المشترك من المناهج الخليجية الموحدة، وكلنا يسجل لمكتب التربية العربي لدول الخليج إنجازاته التربوية المشهود لها، ويكفيه أنه المنظمة التربوية العربية التي لها واقع ملموس في ظل غياب الإنجاز التربوي العربي، ومن جانب آخر هناك جامعة الخليج العربي ومقرها مملكة البحرين تلك المؤسسة المدعومة من دول المجلس وهي إحدى ثمراته التربوية، ومع هذه المنجزات هناك طموحات لعل منها:
الإدارة المشتركة للهم التربوي، فمن العجيب أن ترى أن الهم التربوي الخليجي المشترك تشرف عليه في مجلس التعاون إدارتان مختلفتان، هما تحديدا الأمانة العامة لمجلس التعاون، والمكتب العربي لدول الخليج، وبين الإدارتين تكرار مخل تم فصله في الفترة الماضية بأن يشرف مكتب التربية على التعليم العام بينما تشرف الأمانة العامة على التعليم العالي، وهذه ازدواجية شهدتها لأنني أمثل الدولة في الجهتين ورأيت ذلك التكرار وعشت هذه الازدواجية التي من الأفضل أن تتوحد تحت إدارة مكتب التربية العربي كي تكون لنا مظلة خليجية واحدة تخطط وتنفذ للتعليم العام والعالي في نفس الوقت·
وفي المرحلة القادمة من المهم أن نجري نوعاً من التقارب بين مناهج الدول في التعليم العام والعالي، وهنا فإنني لست من أنصار الوحدة التطابقية والتي يفترض أهلها أن ما يدرس في الإمارات ينبغي أن يكون متطابقاً مع ما يدرس في سلطنة عمان مثلاً، هذه الوحدة التطابقية لن تلبي الأهداف الوطنية لكل دولة، لكن وجود نوع من الوحدة في المعايير يؤمن لنا ذلك الكم المشترك ويترك بعد ذلك لكل دولة حرية التصرف في إطار المعايير الخليجية المشتركة سواء في التعليم العام أم العالي· كانت هذه بعض الطموحات التربوية لمواطن خليجي، يتمنى أن يرى حلمه واقعاً ولو في المستقبل ولعلنا نستفيد من التجربة الأوروبية في التخطيط المستقبلي للهم التربوي المشترك·