كثيرة هي الدراسات والكتابات والأصوات التي تحدثت طويلاً عن العداء الغربي للإسلام والمسلمين، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكثيرة هي الندوات واللقاءات والمؤتمرات والحوارات التي عقدت طوال السنوات الماضية لمعالجة إشكالية هذا العداء بين الغرب والإسلام وإشكالية الربط بينه وبين الإرهاب، حتى أصبح ''حوار الحضارات'' مادة أساسية في كل لقاء بين العرب والمسلمين والغرب· ورغم كل هذه الجهود، فإن نزعة الكراهية في جسد الجسم السياسي الغربي لم تتوقف، حيث إن هناك نوعاً من الإصرار في الغرب، وبالأخص في أوروبا وأميركا، على تصعيد حالة الكراهية والعداء للإسلام والمسلمين والعرب بكل الوسائل، وتحويل هذا الموضوع إلى حالة من المرض والقلق والخوف والهستيريا في المخ الغربي ضد الإسلام والمسلمين والعرب· وكلما حاول العرب والمسلمون معالجة هذه الإشكالية بصورة حضارية عالية المستوى، وذلك من خلال التعاون البناء ودعم الحوار بين الطرفين بهدف توضيح الصورة وإزالة الشكوك، يصر المخ الغربي والآلة الإعلامية الغربية والنخب الفكرية هناك، على الاستمرار في إشعال الفتنة بين الطرفين بصورة بغيضة والإصرار على تحويل موضوع الكراهية والحقد ضد الإسلام إلى ''صناعة مسمومة''، صناعة كريهة تدر عليهم مليارات الدولارات، وذلك من خلال المنتجات الإعلامية التي يتم تعليبها في صورة ''أفلام ومسلسلات وبرامج إذاعية ورسوم كاريكاتيرية ولوحات فنية'' ومنتجات ثقافية في صورة ''مقالات وكتب ودراسات وقصص وروايات ونصوص مدرسية ومناهج تعليمية وكتابات ساقطة''، كلها تعمل على تشويه صورة العرب والمسلمين في عيون الرأي العام الغربي، وكلها تعمل على تعمية بصيرة الغرب وتجهيله عن الإطلاع بوضوح على الإسلام وحضارة العرب والمسلمين، وكلها تصر جاهدة على استمرار تفريخ صورة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وتصر على قذف منتجاتها الإعلامية والثقافية في سوق الغرب على هيئة قنابل حارقة تنفجر بصورة هستيرية في المخ الغربي لترسخ في داخله صورة هذا العداء·
المشكلة الآن هي أن هذه ''الصناعة الكريهة'' قد تجاوزت كل الحدود والخطوط الحمراء، ووصلت إلى درجة أن تسخر من عقيدة مليار وثلاثمائة مليون مسلم، حيث وصل الأمر إلى الإساءة والسخرية من القرآن الكريم ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يتعرض الرسول الكريم منذ 30 سبتمبر الماضي إلى هجوم حاد وسخرية مسيئة في الصحافة الدانماركية، حيث بدأت الأزمة كما يصورها المسلمون هناك عندما أراد مؤلف كتب أطفال دانماركي أن يضع على غلاف كتابه صورة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ورفض رسام الكاريكاتير المكلف بإعداد الغلاف رسم هذه الصورة، فقرر المؤلف إقامة مسابقة لرسم الرسول، حيث تقدم لها 12 رسام كاريكاتير أرسلوا 12 صورة مسيئة لرسولنا الكريم· ثم تواصل نشر هذه الصور المسيئة في صحيفة ''بيو لاندز بوستن'' اليمينية المتطرفة والتابعة للحزب الحاكم، وانتقل الأمر إلى شبكة الإنترنت· ورغم أن المسلمين هناك والبالغ عددهم 200 ألف مسلم حاولوا الاحتجاج على القرار وذلك عن طريق رفع مذكرة إلى الحكومة الدانماركية، إلا أن الجواب كان هو الرفض وإصرار الحكومة على دعم حملة الهجوم تحت مسمى ''حرية التعبير''·
إن المطلوب الآن هو أن نقوم بحملة واسعة لمواجهة هذا الهجوم الذي يتعرض له رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، أن نعمل بقوة على دعم إخواننا المسلمين في الدانمارك وأن نقف معهم في مواجهة هذا الهجوم، وأن تحول الدول الإسلامية ومنظمة العالم الإسلامي والجامعة العربية والأزهر الشريف ومؤسساتنا الدينية والثقافية، لغة الاستنكار إلى خطوات عملية ملموسة ضد هذا التجاوز الخطير الذي أصبح يمارس بكل وقاحة في دول الغرب، خاصة بعد أن فشلت كل المحاولات والحوارات الحضارية البناءة معهم· لابد أن تقدم دولة الدانمارك اعتذارها لمليار وثلاثمائة مليون مسلم·