المراقب لأسواق الأسهم المحلية يلحظ أنها تتحرك منذ ستة أسابيع ضمن هوامش ارتفاع وانخفاض ضيقة تبعث على القلق، حيث رافق ازدياد عدد الشركات المدرجة، واتساع حجم السوق خلال هذه الفترة، تحول في السلوك الاستثماري، الذي أصبح أكثر ميلا للمضاربة· كما أدى نشاط بعض الأسواق المجاورة إلى نزوح بعض الاستثمارات الخليجية من السوق الإماراتية، بحثا عن عائدات أفضل، إضافة إلى اتجاه العديد من شركات المساهمة العامة إلى زيادة رؤوس أموالها، مما فرض أعباء على المستثمرين·
يؤكد محللون أن أسواق الأسهم المحلية التي طال صعودها من المرجح أن تفقد زخمها خلال العام المقبل نتيجة رد فعل المستثمرين على تباطؤ نمو الأرباح وارتفاع أسعار الأسهم كثيرا عن معدلاتها الحقيقية، بعد أن تجاوزت القيم السوقية لأسهم العديد من الشركات المدرجة في سوق الأسهم المحلية عشرة أضعاف قيمتها الدفترية· إن هذه المبالغات تظهر بشكل واضح غياب الرؤية الواضحة لدى العديد من المتعاملين واستمرار سيطرة مفهوم المضاربة في قراراتهم الاستثمارية، في سوق يعاني ضعف تنوع الفرص والقنوات الاستثمارية، وفي سوق لا يقبل المتعاملون فيه أي إشارة إلى إمكانية هبوط الأسهم، ويعتبرون الصعود المتواصل في الأسعار أمراً طبيعياً، بل وأن البعض يجادل على أن أوضاع السوق المحلي استثنائية ولا يمكن إخضاعها لحسابات المنطق الاقتصادي الرشيد· وهكذا وفي ظل التوسع المُطَّرد في قاعدة المستثمرين والمضاربين، وانخفاض مستوى الوعي الاستثماري، تصل هذه المبالغات بالسوق إلى مستويات حرجة، يصعب عندها التنبؤ بمستقبله، خاصة في ظل انتعاش بعض الأسواق المجاورة، مما يعني أن المستثمرين في السوق المحلية يمكنهم العثور على عائد أفضل لاستثماراتهم في أماكن أخرى مجاورة·
وبقدر ما يستبعد المحللون انهيارا أو حركة تصحيحية مؤلمة في أسواق الأسهم المحلية، فإنهم يرون أن قوة الدفع وراء الارتفاعات التي شهدتها هذه السوق خلال هذا العام، سيكون من الصعب المحافظة عليها خلال الفترة المقبلة· وعلى الرغم من حقيقة أن السوق بدأ يجتذب قاعدة من المستثمرين الموضوعيين ذوي الأفق الاستثماري متوسط إلى بعيد الأمد، والمراهنة على النتائج السنوية للشركات المساهمة وتوزيعات الأرباح السنوية في خروج الأسواق من حالة التباطؤ التي تمر بها، بعد أن تمتعت تلك الشركات بتدفقات نقدية غير مسبوقة خلال العام الحالي ينتظر معها أن تفوق التوزيعات ما اعتادت عليه الشركات في العامين الأخيرين، فإن سوق المضاربة سيتواصل، وسيستمر المضاربون في تجاهلهم للمؤشرات المالية للشركات والانتقال من سهم إلى آخر مع استمرار ارتفاع المخاطرة في الاستثمار في أسهم هذه الشركات كلما ارتفعت أسعارها السوقية والتي لا تتناسب مع مستوى أدائها، والنتيجة سلسلة من الارتفاعات تعقبها انخفاضات حتمية كبيرة· وفي ظل هذا الوضع المتقلب للسوق حاليا يصعب تحديد اتجاهات مستقبلية، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن القيم السعرية مازالت عالية، وعلى المتعاملين التعامل بحذر خلال المرحلة المقبلة تحسبا لمزيد من التقلبات، حيث لم يعد من السهل تحقيق أرباح في السوق المحلية، التي تتطلب مزيدا الاحتراف خلال المرحلة المقبلة·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae