وأخيراً اقتنع الجميع ''يساريين'' وإدارة أميركية، عرباً وعجماً، أن اللاعنف هو الترياق للتغيير الاجتماعي، وهو الطريق الاقتصادي لعواقب أفضل·
ظهر هذا واضحاً في عنوان غلاف مجلة ''دير شبيغل'' الألمانية العدد 46-2005 ''مواريث غاندي وغيفارا''، وتحتها بعنوان فرعي ''ثوار أوروبا السلاميون''· ورافق في الوقت نفسه ظهور هذا العدد اجتماع حشد من المفكرين والعسكريين، منهم كثير من ''اليساريين''، في مؤتمر يحمل اسم محور السلام في بروكسل )ecaeP-rof-sixA( انعقد في 17- 18 نوفمبر الماضي، وقد دُعيت للمشاركة في هذا المؤتمر، باعتباري من أهم رموز الدعوة اللاعنفية في العالم العربي؛ فتم الاعتراف بتوجهنا وحركتنا عالميا لأول مرة· ونحن حاليا نسعى لتسجيلها في فرنسا باسم الاينوفيم
)M-IV-ON-E = tnemevoM -ecneloivnon - naipruoE(، في ضوء حوادث العنف التي طالت أحياء الفقراء من شمال أفريقيا والمهاجرين في ضواحي باريس، فهو وقتها كما قلت ذلك على الهواء في إذاعة أوريون (الشرق) في باريس·
وفي هذا العدد من المعلومات المثيرة ما أقترح ترجمته بالكامل، لأهميته في تعميم اللقاحات ضد وباء العنف عندنا، وفي فهم آليات التغيير الاجتماعي؛ فقد ورد أن الإدارة الأميركية استوعبت أخيراً أن التغيير السياسي لابد له من تغيير اجتماعي ثقافي فخلقت مؤسسات لذلك·
وجاء في العدد أن هناك ما لا يقل عن خمس مؤسسات أميركية، سمتها المجلة ''مشاعل الحرية'' تسعى إلى تنشيط الآليات الديمقراطية في العالم، وهي مؤسسات خليط من عمل شخصي مثل:
1- مؤسستا الملياردير الهنغاري سوروس ''مؤسسة سوروس ومعهد المجتمع المفتوح'' وقد تأسستا عامي 1984 و·1993 2-مؤسسة ''بيت الحرية'' esuoH modeerF الذي أسسته ''إيلينور'' زوجة الرئيس روزفلت عام 1941 لمعرفتها أن الفكر النازي لا يكفي فيه المواجهة العسكرية بل المعالجة الفكرية· فكما تعالج الجراثيم بالمضادات الحيوية، كذلك الحال في الأمراض الاجتماعية التي تنتشر بـ''وحدات'' من الأفكار، كما تنتشر الأمراض بـ''وحدات'' من البكتيريا والفيروسات· 3- ''المعهد الوطني الديمقراطي''etutitsnI citarcomeD lanoitaN = IDN الذي تأسس عام 1984 على يد الحزب الديمقراطي ومركزه واشنطن· 4-''المعهد الدولي الجمهوريetutitsnI nacilbupeR lanoitanretnI = IRI'' الذي أسسه الجمهوريون عام 1983 ومركزه واشنطن، ونلاحظ تقارب وقت نشوء هذه المؤسسات لإدراك الإدارة الأميركية أنه وقت المعلومات والفكر للتغيير الديمقراطي في العالم، ومحاولة الاستفادة من رياح التغيير العالمي لطرفها، والعاقل من هيأ نفسه للشتاء بحطب ودثار، والويل لمن دخل شتاء سيبيريا بجلابية أفريقية· مع كل الاحترام لأفريقيا والأفريقيين، فالحديث عن اللباس والمناخ· والمعهد الخامس هو ''معهد الأوقاف الوطني للديمقراطية''
ycarcomeD rof tnemwodnE lanoitaN = DEN وقد تأسس عام 1983 ومركزه واشنطن ومموله الرئيس الخارجية الأميركية·
وهذا لا يعني أن هناك تقاطعاً بين هذه المؤسسات ودوائر الاستخبارات الأميركية كما في بيت الحرية HF الذي ترأسه ''جيمس وولسي'' رئيس الاستخبارات الأميركية الأسبق عام ،2003 ثم فرغ مكانه لآخر، حرصاً من المؤسسة أن يبقى اسمها بعيداً عن الشبهة· ولا ''المعهد الوطني الديمقراطي'' IDN الذي ترأسه ''مادلين أولبرايت'' وزيرة الخارجية الأميركية سابقاً، ولكن حركات التحرر السلمية كما في ''الأوتبور'' roptO الصربية و''كمارا'' aramK الجورجية، و''بورا'' AROP الأوكرانية، وحركة ''يوخ'' hcoJ في أذربيجان وتعني (كلا)، أو مجموعة ''السوبير'' rebuS لحركة ''الفيسنت'' tnesiW في روسيا البيضاء، تبقى في مكان بين بين، بين الاستفادة من خبرات المعاهد، والنأي عن سياسة البنتاغون وغزوات الحروب، فقد ظهر أن التغيير السلمي يبقى أفضل وأرحم وأقل تكلفة·
ظهر هذا في حوادث العنف التي انطلقت من ضواحي باريس المهمشة مثل ''كليشي سو بوا'' sioB suos yhcilC التي زرتها أنا شخصياً ورأيت آثار دمار الحريق الإنساني· والعدل أرخص من الظلم بكل المقاييس·