أليس للكراهية سبب؟
أخشى أن تتحول بعض المصطلحات في لغتنا الإعلامية اليومية إلى تغطية ظاهرة لموضوعات أخرى غير معلنة، وقد أثار عندي ذلك الإحساس مقال يوسف إبراهيم المنشور يوم أمس على هذه الصفحات تحت عنوان ''لغة الكراهية تنبع من الداخل''، ويعلق فيه على آراء عدد من القراء العرب أوردها موقع لإحدى الصحف العربية حول التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والتي أعرب فيها عن موقف ''معادٍ'' لإسرائيل! وإذا كان قادة الدول الغربية قد كفوا يوسف إبراهيم مشقة الرد بشدة على تلك التصريحات، فإنه في مقاله المذكور لا يريد استنكار ما تفوه به الرئيس الإيراني فحسب، بل يعبر عن اندهاشه وحيرته واستهجانه الشديد لبعض الشباب العرب الذين كتبوا تعليقات فيها بعض التعاطف مع تصريحات أحمدي نجاد! ويستنتج الكاتب من ذلك أننا ''لازلنا نقوم بتعليم الكراهية في مدارسنا وأننا نقوم بنشر الجهل في صحفنا، ونطوي قلوبنا على النفاق''! لكن فيما عدا تلك الطلقات المروعة، فالكاتب ليس معنيا بالسؤال عن معنى الكراهية، وأين تتجه وفي أي نطاق، وهل هي ''كراهية'' فقط لأجل الكراهية، وما الأسباب وراء ما يدعوه بالكراهية، وهل هناك خصم يمكن ألا يكره خصمه؟
وينعى الكاتب على أصحاب التعليقات كونهم يعيشون في دول الرفاه العربية، مما يجعل معيباً في حقهم أن يتعاطفوا مع مواقف معادية لإسرائيل، وكأن الأمر ينطوي على تناقض جوهري لا يمكن أن يراه إلا يوسف إبراهيم الذي يتجاهل أن العرب أمة واحدة تجمعهم المشاعر والمصالح والتاريخ والمستقبل، ويتناسى أن الإنسان العربي في الخليج، يستشعر أحاسيس شقيقه في فلسطين وقد هدم بيته وانتزع من قريته وقتل ذووه!
ودون أن يكون ذلك دفاعا عما قاله رئيس دولة مستقلة (يقول ما يشاء)، فإن انحياز الكاتب ضد مناهضي إسرائيل، وهم العرب جميعا، أدى به إلى تناقضات وتلفيقات لم يخفها بكل الطلاء الذي استخدمه في المقال من أوله إلى آخره!
عزيز مختار - أبوظبي