ü القصة الأولى: سيدة تعمل في جهة حكومية، راتبها الشهري سبعة آلاف درهم، زوجها متوفى منذ أعوام ولديها ثلاثة أطفال، تقسم الراتب كالآتي:
قسط البنك- سيارة·- أقساط المدرسة (تريد لصغارها تعليماً جيداً)·
- قسط البيت (لا زالت تنتظر البيت الشعبي)·
ماذا يتبقى؟ مئات··· كيف ستنفقها؟ وما هي الأولويات؟ والتفاصيل ليست بأسرار، فالحياة ومتطلباتها كالنار في الهشيم·
ü القصة الثانية: رجل أربعيني لديه ستة أطفال ويعول أخته المطلقة ذات الأطفال الأربعة، يعيشون في بيت واحد، يكاد لا يتسع لخطواتهم، ما أن يأتي أول الشهر حتى يبحث عمن يستدين منه، أهل الخير كثر، وحاولوا المساعدة لولا عزة النفس ولا يسألون الناس إلحافاً· ويحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف! وعندما يسأل عن أخته وطليقها يجيب بأنه بلا مسؤولية ويتهرب من الالتزام بأعباء الصغار، فهو أيضاً صاحب عائلة وأطفال·
هم الليل هو الدين، وهم النهار كيف سيقضي دينه ومتى؟
ü القصة الثالثة: وحش الغلاء افترس عائلة بأكملها حين آثروا عدم ترك الأبناء يكملون دراستهم الجامعية، لأنها تكلف مصاريف لبس ومواصلات وهم في حاجة إلى مساهمة الأبناء في الوظائف، والوقت يأكل كل ما يملكون!
هل نحن دولة رفاه؟ كلها قصص من واقع مرير ليس مسلسلات رمضانية، بقدر ما هو الواقع الذي يحسدنا عليه كثيرون ويحسبون أننا بمنأى عن العوز والفاقة·
والطامة الأكبر عندما ينبري أحد رجال الأعمال لينكر البطالة ويدّعي أنه يبحث عن مواطن ليمنحه وظيفة فلا يجده، وكأنه يعيش في برج من أبراج مانهاتن لا يرى إلا حركة بعيدة وكأنــــه لا يعـــــرف نبض الشـــارع اليومـــــي وهمـــوم المواطـــن، التي جفــت أحبار الصحـــف وهــــي تطرحهــــا وتبحــــث لهــــا عـــن حلـــــول·
فهذا الذي تمتد استثماراته حول العالم وعبر القارات لا يعلم عمق الكارثة التي يمكن أن تكون في المجتمع، فليست البطالة بالأمر الهين ولا القروض والرواتب الهزيلة بالحقيقة الغائبة، كونه لا يعرف فهذه المأساة بعمق معناها، وصدق الفحوى حين يدعي البعض أن كل ما في الأمر مجرد مبالغات لا أقل ولا أكثر· وكأنه بهذا الادعاء يعايش الحقائق المغلوطة التي جاهر بها عادل إمام في ''شاهد ما شافش حاجة''، حين خاف من السلطة وقال إن الأتوبيسات ''فاضية'' و''الرغيف كبير''··· إلى آخره من سخرية مرة·
لابـــد من حل لهذه القصــــص التي تتـــرى وتتزايد يومياً، فالأمــــر يزداد سوءاً والحلـــول ليست بالمستحيلــــة، هي فقط فرصــــة مداولات لطرح ما يمكن أن يسهم في إيجاد مخارج تنقذ هؤلاء البشـــر من كل هذه المعانــاة التي لا تليق أبداً بوطن مثل الإمارات، صاحب الأيادي البيضاء على اتساع الكرة الأرضية·
فصمتُ مثل هؤلاء الناكرين لواقع ملموس هـــو الـــذي يعطل إمكانيـــات البدائل والحلـــول، لذلك كان دائمـــاً السكــوت من الذهـــب إذا كان الكــــلام رصاصـــاً دون تحديـــد الهــدف بدقــة وكرم·