الشباب والشابات الذين ولدوا في 25 مايو من عام 1981 سيكملون عامهم الخامس والعشرين بعد أشهر ويكونون قد وصلوا إلى سن النضج بعد أن مروا بجميع مراحل الحياة ابتداء بالطفولة مرورا بالمراهقة والشباب وصولا إلى مرحلة الرجولة··· أما مجلسنا الخليجي فيبدو أنه لم يستوعب بعد أن خمسة وعشرين عاما مرت على قيامه ورغم ذلك فهو ما يزال في طور الطفولة، ما يزال يحبو وما يزال يحمل اسمه الأول وهو ''مجلس التعاون'' في حين يفترض أن ''التعاون'' كان المرحلة الأولى وتطور ليصبح تآزرا ثم تكاملا ثم تلاحما، يفترض أن هذا المجلس بعد خمسة وعشرين عاما وصل إلى المرحلة التي يفكر فيها بـ''الاتحاد'' ويفترض أن نكون قد بدأنا الحلم بقيام ما يمكن أن نطلق عليه ''الدول الخليجية المتحدة'' أو ''مجلس الاتحاد الخليجي'' وهذا حلم مشروع وقد يتحقق في اليوبيل الذهبي أو الماسي أو ربما في اليوبيل البلاتيني المهم أن يكون هذا أحد أهدافنا الرئيسية ومن ضمن أحلامنا في هذه الرقعة الجغرافية الحساسة من العالم·
يفترض بنا في دول الخليج اليوم أن ننظر إلى المستقبل ليس بعيوننا ومن خلال الخلافات التي تنشأ بيننا ولا المنافسة التي لا تعرف حدودا بيننا··· ولا بعيون آبائنا وأجدادنا الذين كانت لهم ظروف معيشية مختلفة عنا وعما سيكون عليه المستقبل وإنما يجب أن ننظر إلى المستقبل ونقرأ الواقع الجديد بأعين أطفالنا الذين سيعيشون المستقبل··· وواجب علينا أن نهيئ لهم خليجا يليق بهم ويناسب عصرهم وإن كان الآباء قد اكتفوا بـ''التعاون'' فإننا اليوم لا نكتفي به بل نطالب بـ''التكامل'' وبـ''مجلس تكامل خليجي'' وبدلا عن (GCC) ليكن مجلسنا هو ··(GIC) وإن كنا نرى أن التكامل هو هدفنا فلا نستبعد أن يكون لأبنائنا رأي آخر فقد يرون أن التكامل غير كافٍ ولا يفي بمتطلبات مرحلتهم وبالتالي قد لا تكون فكرة ''مجلس الاتحاد الخليجي'' غريبة أو غير مقبولة لديهم بل قد تكون ضروريــة ولا يمكن تأجيلها·
هذه ليست مطالبة بالمثالية في علاقة دول مجلس التعاون ببعضها البعض ولا هي محاولة لتضليل الناس بحلم الوحدة ولا هي استرسال وتمادٍ في الأحلام··· إنها ترجمة منطقية لواقع موجود نعيشه ويتماشى مع تطور هذا المجلس وبالإضافة إلى تطور دوره وأهدافه فإنه لابد بعد ربع قرن على قيام مجلس التعاون الخليجي من تطوير جهازه وتنشيط إداراته في الأمانة العامة ولابد أن تظهر الأمانة العامة للمجلس أكثر حيوية ونشاطا وتخلع عنها ثوب المحافظة الثقيل الذي يوحي دائما بأنه بطيء ومتثاقل···
يجب التفكير في هيكل مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعمل على إزالة العقبات والمشكلات التي واجهها خلال الخمس والعشرين سنة الماضية وحوله إلى جهاز بيروقراطي مترهل··· فربع قرن من الزمان كافية لأن نعرف نقاط القوة والضعف في الجهاز الإداري للمجلس وأن نعيد النظر فيه ونعمل على تطويره وتحديثه بما يتلاءم وروح العصر وتغيرات المنطقة والدول الأعضاء في المجلس·· فمن غير المنطقي أن تهب رياح التغيير على المنطقة وتغير الدول من شكلها وتركيبتها وقوانينها وتبقى هذه المؤسسة التي تجمع تلك الدول متأخرة··· ولا أعتقد أن المجلس بحاجة إلى تغيير الأشخاص بقدر ما هو بحاجة إلى تغيير العقلية التي تدار بها الأمور في الأمانة العامة للمجلس··· على الرغم من مرور كل تلك السنوات ما يزال البعض ينظر بعين الشك والريبة إلى هذا العمل الخليجي والبعض يتربص به منذ اليوم الأول منتظرا إعلان فشله··· ولكن من الواضح أن هذا الإعلان لن يحدث أبدا وخصوصا أنه لا يخفى على أي مراقب أن قادة مجلس التعاون الخليجي يزدادون يوما بعد يوم إيمانا بهذه المنظومة الخليجية وهذا العمل المشترك وبالتالي فإن فرص استمراره ونجاحه ''وربما تطوره'' أكبر من فرص فشله وما يعزز هذا الرأي أن أغلب قادة دول مجلس التعاون اليوم هم من الجيل الثاني بعد أن رحل أغلب القادة المؤسسين للمجلس وهؤلاء لا يقلون إيمانا وحماسا وتمسكا بهذا المجلس ولا يستبعد أن ينتقل المجلس على أيديهم إلى مرحلة جديدة لتثبت من أركانها وتؤكد صمودها أمام كل التحديات الداخلية والخارجية·
لقد نجح المجلس في حل كثير من القضايا والخلافات التي تظهر بين دول الخليج سواء عن طريق جهاز المجلس أو عن طريق وساطات دول خليجية أخرى··· كما أن هناك أزمات تم احتواؤها بفضل وجود هذا المجلس فالعقبات والمشكلات والخلافات بين بعض دول المجلس نقر بها ولا يمكن ألا نعترف بوجودها ولكننا نعتقد أن هذه أمور طبيعية لا مفر من أن تحدث بين الجيران والأشقاء ولكن المهم أننا نستطيع أن نتجاوزها والعبرة دائما بالنتائج··· وبسبب هذا الدور وبالإضافة إلى بعض الإنجازات الأخرى نرى أنه إلى اليوم ما تزال فئة كبيرة من أبناء الخليج تفتخر بأن مجلس التعاون الخليجي هو أنجح تجربة تعاون عربية في القرن العشرين وعلى كل ما فيها من سلبيات إلا أنها متميزة وتحمل بصمات النجاح ورايات التحدي· أما فيما يخص قمة أبوظبي التي ستعقد خلال يومي 18 و19 المقبلين فنتمنى أن تكون قمة استثن