بينما كان الرئيس الأميركي جورج بوش في جولة تفقدية، قبل أيام قليلة، على ضفاف نهر ''رييو غراندي'' رفقة دوريات مراقبة الحدود الأميركية، كانت طائرة أميركية الصنع من دون طيار ترصد تحركات أحد كبار أعضاء تنظيم ''القاعدة'' وهو في طريقه إلى منزل مهجور بمنطقة نائية في باكستان· وفي وقت لم تتضح فيه بعد التفاصيل التي تفيد بمقتل عضو الشبكة الإرهابية في هجوم نفذته طائرة من دون طيار، يبدو الرئيس بوش أكثر اقتناعاً من أي وقت مضى بضرورة وأهمية الاستفادة من التكنولوجيا العسكرية داخل الأراضي الأميركية بهدف تعزيز جهود محاربة الهجرة غير الشرعية بين المكسيك والولايات المتحدة·
حاليا لا تتوفر دوريات مراقبة الحدود الأميركية سوى على طائرة واحدة من دون ربان مجهزة بكاميرا واحدة للمراقبة، لكن الرئيس بوش أعرب عن نيته تزويد دوريات مراقبة الحدود بالمزيد من هذه الطائرات· وأعلن الأسبوع الماضي في بلدة ''آل باسو''، المتاخمة للحدود مع المكسيك، أن التكنولوجيا ستوظف على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، معتبرا هذه الخطوة جزءا مهما وأساسيا من الاستراتيجية الأميركية لمحاربة الهجرة غير الشرعية·
وفي ظل استمرار عمليات الهجرة السرية من المكسيك إلى الولايات المتحدة بوتيرة مرتفعة- حيث بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون إلى أميركا سنويا قرابة المليون شخص، لجأت دوريات مراقبة الحدود الأميركية إلى التكنولوجيا بهدف مراقبة الشريط الحدودي الذي يصل طوله إلى نحو 2000 ميل، حيث تم تزويد هذه الدوريات بأحدث الأجهزة وأكثرها تطوراً من قبيل أجهزة الرؤية الليلية ووسائل الاستشعار الإليكترونية وكاميرات المراقبة المتطورة· لكن استعمال طائرة ''بريداتور بي''، التي لا تحتاج إلى ربان، في جهود مكافحة الهجرة السرية يمر الآن بمراحله الأولى، كما أن بعض المراقبين يلقون بظلال من الشك على جدوى هذه الطائرة، لاسيما وأنها تكلف ما لا يقل عن 14 مليون دولار·
في التاسع والعشرين من سبتمبر المنصرم، كشفت قيادة مراقبة الحدود في ''تاكسون'' بولاية أريزونا الستار عن أول طائرة من دون طيار ستستعين بها دورات مراقبة الحدود، بعد أن تم إخضاعها لعدد من الاختبارات في وقت سابق من هذه السنة· ويقول ''تود فيزار''، المتحدث باسم دوريات مراقبة الحدود، إنه تم توقيف ما يزيد على 1000 مهاجر سري وضبط أكثر من 400 رطل من المخدرات بفضل الطائرة الجديدة·
طائرة ''بريداتور بي'' سيتم تشغيلها عن بعد من قبل أحد أفراد دوريات مراقبة الحدود الذي سيكون بمثابة الربان حيث سيجلس فيما يشبه مقصورة الطائرة في غرفة التحكم، فيما تحلق الطائرة بواسطة جهاز تحكم عن بعد· كما تم تزويد الطائرة بأجهزة استشعار كهرو- بصرية يمكن بواسطتها إرسال الصور إلى غرفة التحكم في الليل كما في النهار· ويمكن أن تصل سرعة الطائرة إلى 253 ميلاً في الساعة، وهي عادة ما تحلق ما بين ارتفاع 15000 و20000 قدم· حين يتم رصد عملية عبور غير قانونية، يقوم أحد أفراد الدورية الذي يجلس إلى جانب ''الربان'' بإرسال المعلومات إلى الفرق الميدانية التي تنطلق بسرعة لإيقاف المهاجرين غير الشرعيين· وبالتالي فإن أهمية الطائرة موضوع الحديث تتمثل في أنها تتيح تغطية مجال أكبر مما يستطيع أحد أفراد دوريات المراقبة تغطيته من على متن سيارته ذات الدفع الرباعي، ولذا يلقب ''تود فيزار'' هذه الطائرات بـ''مضاعفة القوات'' التي بفضلها أصبح بإمكان أفراد حرس الحدود مراقبة أبعد نقطة داخل الحدود·
وحسب ''تود فيزار'' فإن هدف دوريات المراقبة الأول هو منع دخول الإرهابيين وأسلحتهم إلى التراب الأميركي، ولهذا الغرض يرى بأنه من الضروري تزويد حرس الحدود بما يناسب من الأفراد والتكنولوجيا والبنية التحتية، مضيفا أنه لا يكفي وضع سياج من دون نشر حرس الحدود لوقف الهجرة غير الشرعية، تماما كما لا يمكن نشر 50000 فرد من دوريات المراقبة من دون تزويدهم بالتكنولوجيا الضرورية لمنع الهجرة غير الشرعية، مستنتجا ضرورة توفر الاثنين: الإنسان والتكنولوجيا· لكن رئيس المجلس القومي لدوريات مراقبة الحدود ''تي جي بونار'' يرى بأن الطائرة من دون ربان لا تخلو من نواقص وبأن لكل تكنولوجيا حدودها، والواقع أن وسائل الاستشعار عن بعد الإليكترونية لا تميز بين الإنسان والحيوان خلافاً للكاميرا، لكن الكاميرات بالمقابل لا تستطيع ملاحقة الأشخاص الذين يحاولون التسلل عبر الحدود وتتبع تحركاتهم· من جهة أخرى، تستطيع الطائرات من دون طيار المستعملة في المراقبة تحديد مكان المهاجرين غير الشرعيين ورصد تحركاتهم، إلا أنها ليست طيعة كما هو الحال بالنسبة للطائرات العادية المأهولة، ناهيك عن كون سعرها غاليا جدا·
ويرى السيد ''بونار''، الذي تدفع نقابته باتجاه اقتناء المزيد من طائرات الهيلوكبتر بدلا من طائرات المراقبة المكلفة، بأن مبلغ 14 مليون دولار مبلغ ضخم يمكن للمرء من خلاله نشر الكثير من الحرس على طول الحدود· لقد كان الجيش الأميركي سباقاً إلى استعمال الطائرات