جاء خطاب صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله ورعاه'' الذي وجهه لأبنائه المواطنين بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لعيد الاتحاد ليطلق مبادرة كريمة من شأنها أن ترسخ مرحلة التمكين والشفافية والمشاركة الشعبية في بلادنا وذلك من خلال اختيار نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي عن طريق الانتخاب، مبرزاً سموه بوجه خاص أن: ''المرحلة القادمة من مسيرتنا وما تشهده المنطقة من تحولات وإصلاحات تتطلب تفعيلاً أكبر لدور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية· وسنعمل على أن يكون مجلساً أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسخ من خلاله قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى''· كما تحدث سموه في هذا الخطاب التاريخي عن مجمل ما تحقق خلال مسيرة اتحادنا المباركة مسجلاً بكل فخر واعتزاز ما أنجزه الآباء والأجداد وعلى رأسهم المغفور له القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه الحكام الذين نقف إجلالاً وإكباراً لرؤيتهم السياسية الثاقبة والمتبصرة، ولخياراتهم الوطنية الوحدوية التي نجني قطوفها الدانية اليوم·
إن ما يجعلنا متفائلين بالمستقبل وبنجاح تجربة انتخابات المجلس الوطني المستقبلية هو أن مرحلة التمكين والمشاركة الشعبية التي ستترسخ في بلادنا لا تنطلق من فراغ، وهذه واقعة قد لا يفهمها بالقدر الكافي من الوضوح المراقب السياسي الأجنبي الذي لا يعرف طبيعة العلاقة القائمة في بلادنا بين الحاكم والمحكوم· فتقاليد المشاركة الشعبية، مترسخة في ثقافة شعبنا، متجسدةً في مفاهيم الشورى الأسرية القائمة منذ أقدم الأزمان بين القيادة وعامة الشعب· حيث إن مجالس الحكام عندنا مفتوحة ويستطيع أي مواطن دخولها وإيصال أية رسالة أو تظلم أو رأي أو مشورة إلى القيادة دون عوائق ودون قيود ودون أن يخاف فيما يقول لومة لائم· هذا ما لا يعرفه كثير من المراقبين الخارجيين الذين وصفوا هذه المبادرة بأنها ''خطوة حذرة نحو الديمقراطية''· أضف إلى ذلك أن سهر قيادة بلادنا الرشيدة على توفير جميع احتياجات المواطنين وفتح وتسهيل كل فرص الحياة الكريمة أمامهم جعل حالة الاستقرار الاجتماعي والسياسي في بلادنا استثناءً يكاد يكون فريداً، بفضل الله، وهو ما جعل شعبنا يُجمع على الثقة الكاملة في خيارات القيادة وتوجهاتها الوطنية والحضارية النيرة·
وتبقى الآن الكرة -كما يقال- في مرمى الناخبين المواطنين بعد أن أنجزت القيادة الرشيدة ما عليها· ويستطيع كل مواطن اعتباراً من اليوم أن يعطي لصوته القيمة التي يستحقها، فلا يصوت إلا لمن اقتنع ببرنامجه الانتخابي، وبقدرته على إنجاز ما وعد به، كما هو معلن في الحملة الانتخابية· كما يستطيع كل ناخب ألا يجعل للعاطفة أو الانتماء القبلي أو أية أجندة غير محلية اعتباراً فيمن سيختارهم مستقبلاً عن طريق صناديق الاقتراع، لأن مصلحة الوطن فوق جميع الاعتبارات، ولأن الدور المنوط بالمجلس الوطني الاتحادي بالغ الأهمية كما أبرز ذلك خطاب صاحب السمو رئيس الدولة·
كما يتعين أخيراً، على الإعلاميين المحليين أن يشمِّروا الآن عن سواعدهم للعب دورهم في التهيئة الإعلامية والتوعوية لإعداد المواطنين لمجمل الاستحقاقات السياسية للمرحلة المقبلة، ولمواكبة التحولات الحضارية والتنموية التي تشهدها بلادنا· لقد دقت لحظة التحدي الآن بالنسبة للإعلاميين وخاصة أن خطاب صاحب السمو رئيس الدولة وجَّه الإعلام المحلي بشكل خاص للنهوض بمهمته التوعوية والتحديثية الوطنية· وهي مهمة تستحق قطعاً أن تنجز بتفانٍ وإخلاص وأن يبذل الإعلاميون في سبيلها الجهد الذي تستحق·