لا نريد طالبان أخرى
في مقاله المعنون ''ماذا يريد الزرقاوي'' المنشور بصفحات ''وجهات نظر'' يوم الخميس الأول من ديسمبر، أثار د· أحمد عبدالملك، السؤال الرئيسي الذي تجب إثارته، بكل ما يتفرع عنه من أسئلة تفصيلية جانبية· فإذا كان القتل وسفك الدماء -بما فيها دماء المسلمين الأبرياء رجالاً ونساءً وأطفالا- بكلمة واحدة، إذا كان العنف والإرهاب الذي تمارسه هذه الجماعة وغيرها، هما مجرد تكتيك تتوسل به الوصول إلى أهدافها واستراتيجيتها المتمثلة في تطبيق حكم الخلافة الإسلامية، وفرض هذه الرؤية فرضاً على كافة الدول العربية والإسلامية، فإن من الواجب مساءلة هذا المشروع، وما سيكون عليه، مقترناً بإثارة التساؤلات عمن سيتولون تطبيقه· ولنبدأ بهذا الشق الأخير من السؤال، لأن ''الخطاب يكفيك عنوانه'' كما يقال· فإن كان المعنيون بتطبيق شرع الله وتجسيده نظاماً سياسياً لحكم البشر على الأرض هم بكل هذه الدموية والعنف والقسوة، فإن من الأولى أن نتساءل عن موقف هؤلاء من قيم الرحمة والتسامح الديني والدعوة للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة·
وما أشنع الخطأ في مجرد اعتقاد أن من بوسعه إزهاق أرواح المسلمين الأبرياء وقتلهم بالجملة،يمكن أن يتمتع بأي من هذه الخصال والصفات· هذا جانب، أما الجانب الآخر من السؤال فيتعلق بتفسير نصوص القرآن والسنة وتطبيقها سياسياً على أرض الواقع· فنظام الحكم أياً كان، لا يمكن تجريده -مهما ادعى من حياد واستقلال- عن المصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للفئة الحاكمة· وقد رأينا تجربة مماثلة في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في دول أخرى، لم تكن على قدر التطلعات وخير مثال هو النموذج السوداني في فترة معينة· ولنا في ''نظام طالبان'' مثال سيء آخر لمن يريد أن يعتبر ويتعلم الدرس· فهل يطبق الإسلام من يذبح الأطفال والأبرياء، ومن لا يرى في الشريعة سوى منظومة من النواهي والمحرمات والعقوبات الرادعة التي تنفر ولا تحبب في الدين؟ أليس دين الله يسراً قبل أي شيء آخر؟ أليس رحمة للعالمين؟
البدري هاشم عوض - دبي