لم يكن مراقبو الشأن السياسي في حاجة إلى انتظار الخطوة السورية الأخيرة بتسليم عدد من المسؤولين المشتبهين لاستجوابهم والتحقيق معهم خارج البلاد حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، كي يلاحظوا الوضع العصيب الذي تمر به دمشق في وقتنا الحالي، نتيجة الضغوط الدولية المتزايدة لكشف الفاعلين وراء جريمة الاغتيال!
فقد كان الانسحاب السوري من لبنان، والذي رأى فيه البعض خطوة اضطرارية صعبة لدمشق، أول حلقة في مسلسل الإجراءات والمواقف الرامية إلى تفادي التعرض لضغوط غربية غير محتملة، ثم جاء رضوخ دمشق لقرارات مجلس الأمن الدولي التي طالبتها بتعاون حقيقي وجاد حول عملية الاغتيال، ليشير إلى أنه ليس هناك من خيارات أمام القيادة السورية إلا هذا الطريق، وأخيرا فتحت مرحلة أخرى أبوابها مع البدء في تسليم عدة مشتبهين رئيسيين رغم وضعهم الحساس داخل هيكل النظام السوري·
وفيما اعتبر البعض خطاب الرئيس السوري الشهير قبل نحو شهر من الآن، وموجة التلاسن بين دمشق وبيروت·· دليل انسداد في قنوات الاتصال بين سوريا والغرب، فإن الخطوة السورية الأخيرة أشارت إلى أن القليل فقط مما يحدث فعليا في هذا الصدد هو ما يتم الإعلان عنه للرأي العام وفي وسائل الإعلام، وأن شاغلي مراكز القرار العليا في البلاد مدركون لأن أي تنازل لضغوط أميركية يولد مطالب تتبعها ضغوط أميركية أخرى! ومن ثم فإن دمشق ربما باتت الآن بعيدة عن عين العاصفة، لكن مقابل ماذا وبأي ثمن يتم الإبقاء على الرؤوس؟!
زهير عوض- باريس