رغم تأكيدات الخبراء، من حين لآخر، أن دولة الإمارات تقع خارج نطاق الأحزمة الزلزالية الفعّالة في المنطقة، ورغم أن جميع المؤشرات والدراسات ترجّح استبعاد دولة الإمارات من حدوث تحوّل أو تغيير جيولوجي، فضلا عن أن التاريخ الزلزالي للمنطقة لا يسهم في بلورة قناعات علميّة بإمكانية تعرّض دولة الإمارات إلى هزات أرضية مدمّرة، فإن حالة الخوف والارتباك التي عمّت الناس في بعض مناطق الدولة إثر الهزة الأرضية التي وقعت أمس الأول في ''بندر عباس'' جنوب غرب إيران وطالت بعض مدن الإمارات، قد أظهرت العديد من الحقائق التي يجب التوقف عندها· ففي ظل عدم وجود مصادر معلومات دقيقة في الدولة عن الظواهر الطبيعية، وعدم وجود خطط طوارئ للتعامل مع هذا النوع من الظواهر، لم يجد الناس من يجيب عن تساؤلاتهم ويطمئنهم، غير إدارة الأرصاد ''الجوية'' بوزارة المواصلات، التي قامت بدورها بالاتصال بأقرب مركز لقياس الزلازل خارج الدولة وهو في جامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان، ما يكشف عن حقيقة خلوّ دولة الإمارات من أي مركز للرصد الزلزالي! قد تكون الإمارات بالفعل إحدى الدول التي تقع خارج نطاق الأحزمة الزلزالية النشطة، إلا أن قربها من إيران التي تطفو فوق منطقة شاسعة من التصدّعات والشقوق الأرضية، قد يجعلها تتأثر بحسب قوة الزلازل التي تضرب إيران من حين لآخر، حيث شهدت الإمارات الشمالية خلال السنوات الماضية بالفعل العديد من الهزات الأرضية الخفيفة والمعتدلة نسبياً·
وفي إطار وضع خطة متكاملة للتعامل مع هذه المخاطر، فإن الدولة بحاجة ملحّة إلى شبكة وطنية لرصد الزلازل، حيث إن هذه الشبكة ستكون مكوناً أساسياً في منظومة متكاملة لتوقّع ومراقبة المخاطر الطبيعية في الدولة، والعمل على توعية المجتمع من أخطار الزلازل وحجمها الحقيقي والاستعداد لها، خاصة أن ردود الفعل العفوية والتأثيرات النفسية تجاه ما حدث مؤخراً عكست عدم وجود خبرة سابقة في التعامل مع الزلازل بالدولة· وبموازاة ذلك، يجب إعادة النظر في المواصفات والمقاييس النوعية المناسبة للبناء (كود البناء) في ''جميع'' مناطق الدولة المعرّضة لمثل هذه المخاطر بما يتناسب مع المعايير الدولية في المباني المقاومة للزلازل كي نضمن عدم تعرّض ثروتنا العقارية لأي خطر محتمل ولو بنسبة ضئيلة· فالنمو العمراني الواسع في الإمارات، والاستثمارات المكلفة التي ضخّتها في مشروعات التنمية والبنية التحتية، وسلامة السكان تحتّم على الدولة تكريس المزيد من الاهتمام بالمخاطر الزلزالية في الدول المجاورة، التي يصل تأثيرها إلى داخل حدود الإمارات· كما أن هناك ضرورة لتشكيل لجنة علمية متخصّصة لدراسة قوانين البلديات وسياسات استخدام الأراضي والعمل على التخفيف من مخاطر الزلازل، وذلك بإجراء دراسات ديناميكية لمنشآت الطوابق الرخوة والمنشآت متعدّدة الطوابق والمنشآت المهمّة مثل المدارس والمستشفيات وغيرها، والعمل على إلزامية إجراء الدراسات الجيوتقنية وفحوص ضبط الجودة للمواد الإنشائية، وتطوير صناعة الإنشاءات بما يتلاءم مع متطلبات التصميم والتنفيذ لمقاومة أفعال الزلازل على اختلاف درجاتها، وأيضاً يجب إجراء دراسات على أنماط البناء المختلفة ومدى مقاومتها لآثار الزلازل مع تقييم درجات تحمّل المنشآت القائمة·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae