السؤال الذي يريد معظم الأميركيين معرفة الإجابة عليه هو: متى ستعود قواتنا إلى الوطن؟ ونحن بالفعل نعرف الإجابة المحتملة، وهي أنه في عام 2006 ستبدأ هذه القوات في المغادرة بأعداد كبيرة، وأنه بنهاية ذلك العام سنكون قد أتممنا عملية إعادة نشر 50,000 جندي، وفي عام ،2007 سنكون قد أتممنا عملية إعادة نشر عدد كبير من القوات المتبقية وهي (100,000)، ليكون الباقي بعد ذلك قوة صغيرة، ستظل في العراق، أو تتمركز عبر الحدود لضرب أي تمركز للإرهابيين·
ويرجع السبب في ذلك إلى أننا لا نستطيع استبقاء 150,000 جندي أميركي في العراق دون مد فترات نشر هذه القوات، ودون إعادة إرسال الجنود إلى العراق للمرة الرابعة أو الخامسة، أو دون القيام بحشد الحرس الوطني· وحتى إذا ما استطعنا ذلك، فإن وجودنا العسكري الضخم في العراق -على الرغم من أنه لا يزال الضامن الوحيد دون وقوع حالة من الانهيار الشامل في الدولة- سيؤدي إلى عكس ما كان مأمولاً منه بحيث يتحول التحرير إلى احتلال·
وهناك سؤال آخر مهم مؤداه: أثناء قيام قواتنا بإعادة الانتشار·· هل ستظل مصالحنا الأمنية في العراق سليمة، أم أننا سنكون قد استبدلنا طاغية بحالة من الفوضى الشاملة؟
وهناك إجماع عريض على ما يتعين القيام به من أجل المحافظة على مصالحنا· ففي الآونة الأخيرة قام 79 من أعضاء مجلس ''الشيوخ'' من ''ديمقراطيين'' و''جمهوريين'' بمطالبة الرئيس بوش بخطة واضحة ومفصلة للعراق، تتضمن أهدافاً محددة، وخطة زمنية لتحقيق كل هدف·
وعلى مدى الستة شهور المقبلة يتعين علينا صياغة تسوية سياسية قابلة للاستمرار بين الطوائف العراقية، كما يتعين علينا أيضاً العمل على تقوية الحكومة العراقية، وتعزيز جهود إعادة الاعمار، وزيادة السرعة التي يتم بها تدريب القوات العراقية·
أولاً: سنحتاج إلى بناء إجماع سياسي على الدستور وإلى إقناع السُنة بقبول حقيقة أنهم لم يعودوا يحكمون العراق· ولكن يجب أن يكون معلوما هنا أنه ما لم يقم الشيعة والأكراد بمنح السُنة نصيباً في الصفقة الجديدة، فإنهم سيستمرون في المقاومة· وعلينا أيضا المساعدة على إنتاج الدستور الذي سيعمل على توحيد العراق لا على تجزئته·
ونظرا لأن جيران العراق والمجتمع الدولي لهم جميعا حصة كبيرة في مستقبل بلاد الرافدين، فإن الرئيس الأميركي مطالب بإطلاق استراتيجية إقليمية -كما فعل في أفغانستان- لزيادة نفوذ الدول المجاورة· ويجب عليه أن يعمل على تأسيس ''مجموعة اتصال'' من دول العالم الكبرى كما فعلت واشنطن في البلقان كي تصبح هذه المجموعة الُمحاوِر الدولي الأول للحكومة العراقية·
ثانيا: يجب أن نقوم ببناء قدرة العراقيين على الحكم، وأن نقوم بإصلاح برنامج إعادة الاعمار· فالوزارات العراقية تعمل بالكاد، ومياه المجاري تسيل في الشوارع، ومياه الشرب غير صالحة ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي· ومع وصول نسبة البطالة بين العراقيين إلى 40 في المئة، فإن المتمردين لن يعدموا مصادر جديدة للتجنيد·
نحن بحاجة أيضا إلى أن يكون لدينا التزام مدني يعادل مجهودنا العسكري· فمثلما نحن بحاجة إلى إرسال أفراد عسكريين إلى العراق، فإن الرئيس في حاجة أيضا إلى أن يقوم باختيار المزيد من موظفي الخدمة الخارجية البارعين لتقديم المساعدة هناك·
ولا يجب أن يقع العبء على مثل هؤلاء الموظفين بمفردهم، إذ يجب أن نستفيد في هذا السياق من المقترح البريطاني الذي يطالب الدول المختلفة بأن تتبنى كل منها وزارة عراقية· كما يجب علينا أيضا أن نقوم بإعادة توجيه مسار عقود الإعمار بعيدا عن الشركات المتعددة الجنسيات، ونحو العراقيين·
علاوة على ذلك فإن الدول التي تعهدت بتقديم المساعدات للعراق يجب أن تقوم بتسليمها· فحتى الآن ثمة 3 مليارات دولار فقط من بين الـ13,5 مليار قيمة المساعدات غير الأميركية، وجدت طريقها إلى العراق· علاوة على ذلك يجب على الرئيس بوش أن يعقد مؤتمراً لحلفائنا الخليجيين الذين تساقطت عليهم أرباح هائلة من عوائد البترول، وحان الآن موعد العطاء·
ثالثاً: نقل السلطة إلى قوات الأمن العراقية· ففي شهر سبتمبر ألمح الجنرال ''جورج دبليو كيسي'' أن هناك كتيبة عراقية واحدة أقل من 1000 جندي هي التي تستطيع القتال دون مساعدة من الولايات المتحدة· علما بأننا بحاجة إلى 40 كتيبة إضافية على الأقل كي تستطيع قيادة عمليات مكافحة التمرد بمساعدتنا·
يجب على الرئيس أن يضع جدولاً زمنياً لتدريب القوات العراقية إلى الدرجة التي يمكنهم معها أن يتولوا قيادة تلك العمليات بدعم ومساعدة منا· ويجب أن نكلف المزيد من الدول بالمساعدة في هذا المجهود، وخصوصا بالنسبة لتدريب الضباط·
ونريد بالإضافة إلى ذلك استراتيجية فعالة لمقاومة التمرد، خصوصاً بعد أن أدركت الإدارة أخيراً الحاجة ليس فقط إلى تحرير المناطق، ولكن إلى المحافظة عليها والبناء فيها· إن العراقيين من مختلف الفئات بحاجة إلى العيش في دولة مستقرة وجيران العراق لا يريدون أن تندلع حرب أهلية بجوارهم، والقوى الكبرى لا تريد أن يتمكن الإر