العلاقة بين الديمقراطية والتعددية علاقة طردية، فكلما ازدادت التعددية اقتربنا أكثر من الديمقراطية، ومن ثم كلما تعددت القوائم الانتخابية في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، كلما وسعنا من فرص الاختيار أمام الناخب، وتلك هي الديمقراطية بعينها·
وليس بالضرورة أن يكون من اختار النزول في قائمة منفصلة عن الآخرين، أنه اختار الانشقاق أو الخلاف أو ما إلى ذلك من الأوصاف السلبية، بل يلزم أن نعتبر ذلك دليل الوعي السياسي الذي لا يفرض على أحد اختزال نفسه، مرغما، في هذه القائمة حصرا أو تلك، كما أنه دليل على حقيقة الفضاء الديمقراطي الذي يعمل الجميع في ظله، فلا الوطنية ولا الديمقراطية يمكن اختزالهما بقائمة واحدة، أبدا·
إن التعددية في القوائم الانتخابية دليل، من جانب آخر، على فشل كل الجهود التي حاولت الاستحواذ على تمثيل هذه الشريحة أو تلك من الشرائح الاجتماعية المتعددة الأديان والمذاهب والأعراق والآراء والاتجاهات السياسية والفكرية، بل وحتى الحزبية في العراق· علينا أن نحترم ارادات المرشحين وخياراتهم، بالضبط كما نتمنى جميعا أن تحترم كل القوائم الانتخابية، إرادة الناخب العراقي، الذي يجب أن تكون له الكلمة الفصل في الاختيار·
ونتمنى ألا تتميز القوائم الانتخابية، بالأسماء فقط أو العناوين والشعارات والمسميات والكلام الإنشائي، وإنما نتمنى أن تتميز بالفعل اليومي على الأرض، قبل وبعد الانتخابات، لنطمئن، بأن اختلافا جوهريا وحقيقيا بين القوائم الانتخابية، هو السبب لتعددها، وليس التنافس على المقاعد، ومن أجلها فقط·
كنت أتمنى أن تنزل الأحزاب بقوائم منفردة، وليس بتحالفات عريضة، لتواجه الحقيقة، حقيقة حجمها في الشارع العراقي، وليكتشف العراقيون أحجامها الحقيقية غير المزورة وبعيدا عن الادعاءات الفارغة، في أغلب الأحيان، كما أن ذلك كان سيمنح الناخب خيارات واسعة جدا، تعبر بشكل حقيقي عن إرادته وخياراته، وربما أتطرف أكثر وأقول، كنت أتمنى أن ينزل كل مرشح لوحده، لذات السبب الوارد ذكره للتو، ولتتشكل التحالفات العريضة بعد ذلك تحت قبة البرلمان، لأنني، في الحقيقة، لا أحبذ نظام القوائم الانتخابية الذي يسقط إرادة الناخــب ويسلبه حق الاختيــار·
نزار حيدر - واشنطن