مؤتمر الصالحة العراقية الذي استضافته القاهرة خلال الأيام الماضية انتهى إلى بوادر إيجابية للغاية، أقلها توصل الأطراف العراقية المختلفة من سنة وأكراد وتركمان وشيعة إلى ما يشبه الاتفاق المبدئي على مجموعة مشتركات كثيرة يمكن البناء عليها في المستقبل لإخراج بلاد الرافدين من حالة العنف المزمن التي ترزح فيها منذ مجيء القوات الأميركية إلى بغداد في أبريل ·2003 وما كان ينقص العراقيين هو الالتقاء والتواصل والتفاوض في أجواء مناسبة لكي يستعرضوا ملاحظات كل منهم على الآخر، ومن خلال عملية الأخذ والعطاء السياسية يتم تقريب شقة الخلافات بين جميع الأطراف، ويتم التوافق على خطوط عريضة يلتزم بها الجميع تغليباً لمصلحة البلد العامة، أولا وقبل كل شيء آخر· فالعراق هو للجميع، ويجب أن يبقى كذلك لا أن يسعى أي كان لفرض مصلحته الطائفية أو المذهبية على غيره، لأن العراق الجديد الديمقراطي الذي يقطع الصلة مع ممارسات حكم البعث الديكتاتورية هو الرهان الذي يجب أن يراهن عليه الجميع الآن· أما الدعوات الإقصائية والاستئصالية فمصيرها الفشل، كما كان مصير دعاة الحكم الديكتاتوري القمعي بالأمس القريب، والذين رأينا كيف ذهبوا غير مأسوف عليهم·
والحقيقة أن معظم الأطراف العربية قد تأخرت كثيراً عن التدخل في الأزمة العراقية، مع أن الدول العربية هي الأكثر فهماً لخصوصيات وتعقيدات الأزمة العراقية، كما أنها الأكثر قرباً من الشعب العراقي تاريخياً· والآن بعدما تدخل العرب، من خلال توسط عدة وزراء بين أطراف الأزمة العراقية رأينا نتيجة معقولة، تمخض عنها المؤتمر· ويبقى أن يستمر الجهد الدبلوماسي العربي في المستقبل لتشجيع المصالحة والوفاق بين العراقيين، لكي يعود العراق للعب دوره المحوري المهم في الأسرة العربية· والأمل أن يكون ذلك في وقت قريب جداً·
عادل محمود - الشارقة