''يعود الفضل في معدلات النمو العالية لـ''النمور'' ، بلدان العتبة لجنوب شرق آسيا التي امتدحت كأعجوبة اقتصادية بالدرجة الأولى إلى ملايين النساء···''·
هذا حديث يعود لكاتبة ألمانية ساقت كلامها وأثبتته بالأرقام في إصدار حديث عن المرأة والعولمة· والحديث عنا ليس عن نساء آسيا وغيرها، هنا نسأل عن نساء الإمارات·· تلك السيدة التي اضطرت إلى ترك بناتها -العرض لدى مربية أفريقية لتكيل لهن أشكال العذاب والقهر النفسي والجسدي·
لم يكن الأمر مفاجأة على الإطلاق، فأحد لا يمكن أن يكذِّب أن ما يحدث في البيوت من كوارث بسبب غياب الأم وتركها لفلذات كبدها لدى آخرين لا تعنيهم نشأة صغار تكون سوية وغير مؤثرة سلباً في سلوكهم مستقبلاً·
الأمر برمته استجمع أسئلة من جديد، هي قديمة لكنها تتجدد، وتأتي ضرورة طرحها كشأن عام خطير ومعني بالإنسان واستثماره الاستثمار الأمثل·
فإذا كانت المرأة تشكل جزءاً مهماً في القوى العاملة، أين الدولة لتدعم هذا الجزء المهم؟
فما حدث أن حرمت الأم من إجازة الأمومة لتقتصر على ستين يوماً وماذا بعد؟ أين تذهب بهذا الرضيع طري اللحم؟·· لا يهم، عليها استجلاب عمالة تزيد التركيبة السكانية خللاً وتحطم أمل المستقبل في نشأة نفسية صحية، وقابلة للإبداع والعطاء لبناء المستقبل·
ونحن دولة الرفاه عاجزون عن منح الأم إجازة تليق بهذه المسؤولية وتحترم عطاء المرأة وعملها، وقبل هذا حاجتها لهذا العمل؟ فأحد لا يعمل ترفاً أو مضيعة للوقت، إن كانت هناك نماذج فإنما هي نماذج استثنائية تثبت القاعدة وتؤكدها·
فأي طفلة ستكون هذه الصغيرة التي ضربت بهذا الشكل الوحشي، ستكون منتجة لعنف وقسوة وفقدان لحنان الأم، الذي يؤكد علماء النفس في التربية، أن فقدان الصغير الذي يقل عمره عن خمس سنوات لأحد والديه أكثر من خمس ساعات، يعني أن الطفل سيعاني من مشاكل نفسية مؤكدة·
في حادثة من هذا النوع السؤال الأهم: ماذا قدمت الدولة لمثل هؤلاء الصغار حين تطالب بتضافر الجهود والمشاركة في سوق العمل؟ والمقابل صغاراً سيكبرون مشوهين وغير أسوياء بسبب ظرف نشأتهم وخروج والديهم للعمل!
لابد من حلول وبدائل واهتمام بهذه القضية الأخطر على الإطلاق، التي ستكون تبعاتها ممتدة لعشرات السنوات لأن المشكلة تتفاقم فلا حلول لها يمكن أن تخفف من أضرارها! أو بالأصح لا اهتمام من الأساس بوضع المرأة حين تعمل مضطرة وحين تترك صغارها مضطرة أيضاً·
فدولة الرفاه عليها إثبات الاستراتيجية الهادفة لبناء الإنسان لا لتحطيمه بدفع أبنائها إلى الحاجة الموغلة في قسوة عطاء يصعب الصبر عليه· فالمرأة العاملة صارت عاملاً مهماً في إنجاح سوق العمل، وعليه كان لابد من اهتمام باحتياجاتها، والأمثلة العالمية كثيرة·
فالدولة التي تولي الصغار جل اهتمامها هي دولة سيشهد لها العالم بمستقبل له بهاء خاص، واسألوا سويسرا·· لتعرفوا أي دولة رفاه هي··؟