يمكن لخطباء المساجد في الدولة أن يلعبوا دوراً -توعوياً- مهماً في العديد من القضايا الاجتماعية التي تحتاج إلى توعية أكثر من حاجتها لنصوص قانونية، ويمكن تحقيق هذا الهدف إذا ما تم تأهيل خطبائنا والوعاظ وصقلهم بالشكل الذي يوفر لهم الدراية الكافية بقضايا المجتمع الذي يعيشون فيه ويمكن ذلك أيضا إذا ما أتقنوا مهارات وفنون الإلقاء وآدابه·
مناسبة هذه المقدمة البسيطة موقف حصل منذ شهر تقريبا بعد صلاة الجمعة -أول جمعة بعد شهر رمضان- عندما فاجأنا الخطيب بعد الصلاة بقراءة الخطوات التي يجب أن يقوم بها الفرد لحماية نفسه وأفراد المجتمع من وباء أنفلونزا الطيور فالمصلون لم يعطوا اهتماما لما يقوله الخطيب رغم أهمية القضية، وتذكرت في تلك اللحظة -وأنا أراقب خروج الناس من المسجد- إمكانية الاستفادة من الزيارات السنوية لضيوف صاحب السمو رئيس الدولة خلال شهر رمضان الكريم حيث تستضيف الدولة العديد من علماء الدين الإسلامي ليعطوا دروساً في التعاليم الإسلامية في الدولة وينقلوا لنا خبرتهم العلمية ووجدت -في مراقبتي- أنه من الأفضل خلال الفترة المقبلة التركيز على تنمية مهارات الخطيب في كيفية جذب المصلين إليه، عن طريق وضع خطط لتدريب أئمة المساجد في الدولة وإقامة ورش عمل حقيقية!!·
هناك أكثر من سبب يجعلنا نركز على ضيوف رئيس الدولة خلال شهر رمضان لكي نستفيد من خبراتهم في تأهيل خطبائنا وأئمة المساجد في الدولة: أولها، الانطباع المبدئي لاستضافة الدولة لهؤلاء الخطباء بيننا هو أنهم أكثر علماً وفهما للدين، وإلا ما استعنا بهم خلال شهر رمضان وبشكل سنوي· كما أن تنوع مشارب هؤلاء الضيوف يعطي لمطالبتنا بالاستفادة مما يمتلكونه مصداقية وواقعية، إضافة إلى أنهم يمثلون مختلف الدول الإسلامية كما أن هناك ضيوفاً جاءوا من الولايات المتحدة وبريطانيا وهم مطلعون على الكثير من أساليب الخطابة وفنون الإقناع في الدول المتقدمة· وهناك مؤشرات تؤكد إمكانية نجاح الدور التوعوي للمسجد حاليا منها أن المصلين يأتون المسجد وقد هيأوا أنفسهم لاستماع الخطبة حول قضية محددة· كما أن المسجد يجذب كافة شرائح المجتمع الشيوخ والشباب والأطفال وحتى النساء في أحيان كثيرة، وهو ما لا يتحقق في كثير من المناسبات، ومن هذا المنطلق فإنه لابد أن نستغل هذه الفرصة بأن يقوم الخطيب بدوره التقليدي التوعوي، لكن بعد إدخالهم في دورات تدريبية تتجاوز العلوم الدينية·
وإذا كنا نطالب بالاستفادة من تواجد ضيوف رئيس الدولة لتأهيل الخطباء بحيث يكون ذلك ضمن برنامجهم السنوي عند مجيئهم للدولة فإن التوسع في الإفادة يفرض الاستعانة ببعض الأساتذة من التخصصات التي لها علاقة بعلم الاتصال الجماهيري وفنون الإلقاء والتواصل مع المجموعات البشرية، فهم أقدر على تعريف الخطباء بكيفية التعامل مع المصلين نفسيا واجتذابهم طوال الخطبة التي يجب أن تكون ضمن وقت محسوب، وذلك لتعظيم حجم الفائدة، لأن الكثير من الدراسات أكدت أن القدرة الزمنية للمستمع لا تتعدى الخمس عشرة دقيقة وبعدها يبدأ بفقدان ما سمعه في البداية·
إن خطبة الجمعة هي ضرورة من ضرورات واقعنا الإسلامي ويمكن أن تمثل أداة لتوعية الناس تجاه قضاياهم الاجتماعية، خاصة وأن في واقعنا الحالي قضايا بحاجة إلى توجيه أكثر من حاجتها إلى أي شيء آخر، لذا فإن تفاعل الناس يتطلب أن يمتلك الخطيب زمام الخطابة والأساليب التي من خلالها يستقطب اهتمام الناس وبالتالي يزداد تأثيره عليهم، الذي نفتقده اليوم·
باختصار فإن مناسبة تواجد علماء الدين من خلال زياراتهم السنوية للدولة -من مختلف دول العالم- فرصة ينبغي الاستفادة منها بأقصى درجاتها· وأعتقد أن الجميع يوافقني في أن هناك قضايا مجتمعية تحتاج إلى وعي -بعد أن تراجعت أدوار المؤثرين التقليدين- في معالجتها لذا فإن الاهتمام بموضوع أئمة المساجد وخطبائها يجب أن يأخذ حقه من الاهتمام·