تطل علينا مرة أخرى فضيحة مدوية من العراق، الذي يبدو وكأنه اعتاد على تفريخ الفضائح الصادمة· فما إن تظهر فضيحة وتمضي بها الأيام إلى أروقة النسيان، ونطمئن أنفسنا بأنها لن تتكرر مرة أخرى، حتى تظهر أخرى· فالفضائح في العراق، تعيد نفسها بإصرار عجيب، يبعث على الغضب أحيانا والإحباط في أحايين أخرى لما أصبح عليه وضع هذا البلد العربي العزيز على قلوبنا، البلد الذي أخذ مكانا أثيرا في وجداننا منذ أن تعرفنا عليه في حكايات ألف ليلة وليلة بشخصياتها وقصورها البغدادية· أقول ذلك في خضم فضيحة التعذيب الجديدة التي هزت العراق مجددا بعدما تم اكتشاف معتقل سري في وزارة الداخلية العراقية يتم فيه حبس مواطنين عراقيين وإذاقتهم ألوانا من التعذيب المقيت الذي لا يترك آثاره الأليمة على الأجساد فقط، بل يفتح جرحا غائراً في النفوس، هذا في وقت تتعالى الدعوات إلى المصالحة الوطنية وإشاعة جو الوفاق بين كافة الطوائف والفرقاء العراقيين· كيف يمكن لمن تعرض للتعذيب وأهدرت كرامته على أيدي مواطنيه أن يمد يده للمصالحة وطي صفحة الماضي· شخصيا أعتبر أن هذه الفضيحة، بصرف النظر عن توقيتها وتشابك المصالح السياسية التي أدت إلى كشفها والمصلحة الأميركية في ذلك، إعلان صريح عن فشل القائمين على العملية السياسية في العراق·
وبالطبع لا يمكن تبرير التعذيب مهما كانت الأسباب، ذلك أن أي إنسان اقترف جرما يتعين خضوعه للمسطرة القانونية المعروفة وليس مواجهة الخطأ بخطأ أكبر منه· ولا أتفق مع من يحاول التهوين من الفضيحة على أنها مسألة عابرة وغير منهجية لأن هذا هو بالضبط تبرير الأنظمة القمعية وللتأكد من ذلك فليسألوا صدام حسين القابع في السجن حاليا عن جرائمه السابقة ليسوق لهم ما لا يحصى ويعد من التبريرات التي لو طبقنا عليها المنطق الحالي لما خضع للمحاكمة·
حسام عبدالدايم- العين