عندما قام مسؤول من الجامعة العربية بزيارة إلى العراق في الآونة الأخيرة شعرت بأنه يوشك على الدخول في مغامرة كبرى·· وراودني حينها إحساس خفي بأن الرجل قد يتم اغتياله هناك· وعندما تمت الزيارة بسلاسة كبيرة تنبهت إلى أن الرجل ما كان ليقدم على القيام بمثل تلك الزيارة ما لم تكن قد قدمت له ضمانات كبيرة·· وأنه على ما يبدو قد تم التوصل إلى صفقة لتسوية ما للمسألة العراقية بين اللاعبين الأساسيين في المنطقة وفيهم طبعا الأميركيون والبريطانيون، وأن العراق سوف يخرج أخيرا من أزمته الدموية الطاحنة وأيقنت بصواب الرأي القائل إن مجيء الجامعة العربية متأخرة إلى العراق كان أفضل من عدم مجيئها وسعدت لذلك جدا خصوصا وأن المرء منا يعاني عذابا نفسيا هائلا وهو يشاهد كل هذا الكم من الجثث العراقية، وهذا الشلال المتدفق من الدماء المهدورة· وعلى الرغم من أنه من الخطأ أن يستبق المرء الأمور، إلا أن بدايات مؤتمر الوفاق الوطني المنعقد في القاهرة ما زال يصعب الحكم على ما ستتمخض عنه· فهناك اختلافات هائلة في الرؤى وهناك سوء تفاهم، وهناك أحقاد دفينة للأسف·· وتيارات ممثلي البلد عبارة عن أجزاء متناثرة ومختلفة وليست مستعدة للتعايش سويا· ولن يستطيع أحد أن يقوم بتجميع هذه الفسيفساء العرقية والمذهبية المعقدة إلا شخصية قوية وقادرة على فرض إرادتها على الجميع· فكأنه كان محتما على العراق بسبب انقساماته وخلافاته وصراعاته وما يتسم به من عنف دموي أن يقوم بإنتاج حكام من طينة خاصة· ومع ذلك فإنني أدعو الله من صميم قلبي أن يثبت خطى هذه القوى العراقية المجتمعة في مؤتمر الوفاق وأن ينتشر الأمن والسلام في ربوع العراق وأرجاء المنطقة فهذا ما نريده جميعا·
عباس ياقوت - دبي