بدأ التفكير الذري الإيراني منذ زمن الشاه، وقد بدأ اهتمام السيد رفسنجاني بالموضوع منذ الحرب العراقية-الإيرانية، وكذلك بعد تنامي العلاقات الإيرانية-الروسية، وبخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي· ويقول السفير الفرنسي السابق في إيران في مقال له بـ''اللوموند'': إن افتضاح أمر البرنامج النووي السري الإيراني يعود إلى عام 2002: ''ففي أعقاب نحو عشرين عاماً من الجهود، أدركت إيران أن صناعة قنبلة ذرية، ابتدأ العمل في سبيلها غداة 1980 وشن صدام حسين حربه عليها، مسألة معقدة· ولم تكن الصناعة النووية المحلية أنتجت من المواد الانشطارية الداخلة في صناعة القنبلة، غير 5 ميلليغرامات قليلة من البلوتونيوم، نظير 7 كيلوغرامات يحتاج إليها في إنجاز القنبلة وتجهيزها· ولم تكن أنتجت من اليورانيوم المخصب بنسبة 1 في المئة، غير غرامات قليلة، وتحتاج القنبلة إلى 20-25 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المئة· ومذ ذاك، لم تحرز إيران تقدماً حقيقياً في المضمار النووي''·
وتقول ''اللوموند'' في تاريخ لاحق، إنه ''قبل سنتين ونصف السنة، حُملت إيران على الإقرار للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها تبني منشآت سرية تتولى تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم· ويسع المنشآت هذه إنتاج مواد تستعمل في صنع أسلحة ذرية· وإلى ذلك، سعت إيران، ولا تزال تسعى في تجهيز صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس من النوع نفسه''·
كما اتهمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية طهران بعدم الشفافية واتباع سياسة الإخفاء· وقالت الوكالة إنها- أي الوكالة الدولية- ''ليست في وضع يسمح لها بالاستنتاج بعدم وجود مواد أو نشاطات نووية غير معلنة في إيران''·
البعض يتوقع في هذه المرحلة، أن تلجأ إيران كورقة ضغط، إلى أزمة الوقود الدولية، ورفع أسعار البترول قبل بدء موسم الشتاء، الأمر الذي قد يؤدي إلى ركود اقتصادي دولي· ويقول أحد التحليلات إن هذا الاحتمال وارد، وذلك ''في ظل ما تعهد به الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، الذي تعتبر بلاده أيضاً من أبرز مصدري النفط في مارس الماضي، عندما قال إن إيران يمكنها الاعتماد على دعمه في مواجهتها مع أميركا حول برنامجها النووي''·
د· صادق الحسيني يعدد أوراق قوة إيران الأخرى فيقول: ''طهران هي الرابح الأكبر في العراق بسبب غياب أي استراتيجية واضحة لدى ''المؤتلفين'' بخصوص مستقبل العراق السياسي· وطهران هي القوة الأكثر نفوذاً وليست بالضرورة الأكثر تدخلاً أو قوة في الساحة الأفغانية بسبب الموقع الجيواستراتيجي لطهران تجاه أفغانستان المضطربة··· وطهران تلعب دور بيضة القبان في الساحة اللبنانية عبر حلفائها الأكثر حضوراً وتأثيراً في المشهد الواقعي اللبناني· وطهران الحاضرة الغائبة في فلسطين وملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي المتعثر سلماً والمخادع تلويناً والمستحيل حسمه حرباً''·
وتنال إيران، إلى جانب روسيا، كذلك تعاطف الصين، بسبب حاجاتها البترولية، بعد أن أصبحت إيران الهدف الأساسي للشركات النفطية الصينية، وتم توقيع أول عقد بقيمة سبعين مليار دولار لاستيراد النفط، بين اتفاقات اقتصادية وتجارية مثل بناء الصين جزء من مترو طهران· ويقول بعض الخبراء إن ''احتياجات الصين الضخمة من الطاقة تضطرها إلى الاهتمام بالنفط والغاز الإيرانيين· وطالما بقيت إيران بحاجة إلى الصين لما تملكه بكين من تكنولوجيا نووية وصواريخ، فإن فاتورة الصين النفطية ستبقى معقولة''·
ولكن ما حقيقة المخاطر التي تطرحها طموحات إيران النووية؟
المدافعون عن السلاح النووي عموماً يرون أنه شر بلا ريب، ولكنه مفيد في الردع· ولعل ما منع باكستان والهند من خوض حرب شاملة هو حيازة كلا البلدين القدرة على إفناء الطرف الآخر· ولكن الردع النووي الذي حمى كذلك السلام العالمي في زمن الحرب الباردة، تقول صحيفة ''اللوموند''، ''ينبغي أن يقتصر على عدد محدود وقليل من اللاعبين، ومناهضو الانتشار ينبهون إلى أن الخطر المترتب على السلاح النووي ليس مصدره الأول التقنية نفسها، بل طبيعة النظام الذي يدجّنُها· وهذا يصح في حال إيران وفي حال كوريا الشمالية''·
إن دول مجلس التعاون الخليجي وربما العراق، أكثر مناطق العالم اتصالاً وشعوراً بالقلق من الملف النووي الإيراني وتطوراته· ورغم تطمينات الجمهورية الإسلامية لجاراتها الخليجية بخصوص الاحتياطات الأمنية في الأفران الذرية وتأثير الزلازل وتلوث مياه الخليج، إلا أن الحوادث رغم كل الاستعدادات قد تقع· وإذا نشب القتال بين إيران والقوات الأميركية في المنطقة، فستكون النتائج كارثية· كما أن الانتكاسة التي مُني بها السيد خاتمي وخط الإصلاح والليبرالية والاعتدال تزيد من المخاوف الإقليمية والدولية·
وقد دعت الجامعة الأميركية في الكويت يوم 24/9/،2005 إلى ندوة لمناقشة هذه التحديات، شارك فيها د· نزار حمزة من أساتذة الجامعة، والضيف الباحث وأستاذ العلوم السياسية البريطاني جون جبمان Chipman، العامل في مركز IISS للبحوث· وقد ذهب د· جبمان إلى أن عملية تصنيع إيران لس