حققت دولة الإمارات تقدما كبيرا في مكافحة القرصنة الفكرية· وأكدت دراسة عالمية متخصّصة صدرت في الولايات المتحدة هذا العام أن دولة الإمارات حققت أدنى معدل في مجال البرامج المستنسخة في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة بلغت 34% -وصل المعدل الكلي لانتشار عمليات القرصنة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا إلى نحو 55%- كما تفوّقت الإمارات بهذا المعدل على العديد من الدول الأوروبية العريقة، ومن بينها فرنسا واليونان وإيرلندا وإسبانيا والبرتغال·
وأثمرت جهود الإمارات في مكافحة القرصنة الفكرية العديد من النتائج الإيجابية التي من أهمها إتاحة مناخ إيجابي لدفع عجلة تطور الاقتصاد الوطني وتعزيز مصداقية الإمارات على الصعيد العالمي· كما تعكس الحملات الناجحة الأخيرة الرامية إلى مكافحة عمليات الاستخدام غير المشروع لبرامج الكمبيوتر سواء من قبل الموزعين والتجار أو المستخدمين النهائيين مدى جدية السلطات المعنية بقضايا الملكية الفكرية في الإمارات، إلا أن إحدى النتائج السلبية لهذه الحملات أنها أدّت إلى ارتفاع حاد في أسعار برامج الكمبيوتر، ما أثر سلباً على معدل شراء واستخدام برامج الكمبيوتر، التي يصل سعر النسخ الأصلية منها إلى أضعاف سعر البرامج المقلّدة أو المنسوخة، وهو ما يسهم بدوره ولو بدرجة محدودة في توسيع الفجوة التكنولوجية بين المجتمع المحلي والمجتمعات المتقدّمة· ولذلك، فإن الخطوة الأولى التي يجب على السلطات المحلية أن تتخذها هي اتباع بعض السياسات والإجراءات التي يمكن أن تحدَّ من أسعار البرامج الأصلية، ومن ذلك الدخول في مفاوضات مع الشركات الكبرى المنتجة لهذه البرامج لحثها على تخفيض أسعار برامجها في السوق الإماراتية، حتى يتسنّى لشريحة أكبر من المستهلكين شراؤها، خاصة بعد أن أثبتت السلطات الإماراتية قدرتها على اتخاذ خطوات فعّالة للقضاء على قرصنة البرامج، ما رفع من مبيعات هذه الشركات في السوق المحلية إلى مستويات قياسية، كما أن أحد أسباب ارتفاع أسعار البرامج الأصلية يعود بشكل كبير إلى أن الشركات تريد أن تعوض الخسارة التي تلحق بها من القرصنة عن طريق رفع سعر البرنامج الأصلي· وإذا ما توافرت الحماية التي تطمح لها هذه الشركات، فإن ذلك سيضاعف من أرباحها، وبالتالي، ستوافق على تخفيض أسعار برامجها· وعلى السلطات المختصة أن توظف التقدم الكبير الذي حققته في مجال مكافحة القرصنة الفكرية في الحصول على امتيازات تجارية تناسب هذا التقدم، على أن يكون ذلك من خلال دراسة علمية تبين الانعكاسات السلبية والإيجابية معا للقيود الصارمة التي تفرضها الإمارات في مجال منع تداول برامج الكمبيوتر المقلّدة أو المستنسخة· أما الخطوة الثانية التي يجب أن تنتهجها الدولة فهي تشجيع الشركات الوطنية على الاستثمار في صناعة برامج الكمبيوتر، إذ إن الشركات الوطنية ستوفر البرامج للسوق المحلية بأسعار أقل من البرامج المستوردة لمنافستها· ومع وجود الحماية القانونية للبرامج الأصلية، ستنتعش هذه الصناعة، التي في طريقها لأن تصبح واحدة من أهم الصناعات في العالم مستقبلا·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae