يوم الخميس الماضي كان العالم، على موعد مع خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، لا سيما في ظل المرحلة الخطيرة التي تمر بها سوريا· التكهنات التي سبقت الخطاب متباينة، وكان أغلبها مرجحاً لخطاب سوري معتدل بعيداً عن المواجهات· لكن الخطاب كان مختلفاً ومفاجئاً بعض الشيء، فبدا الرئيس الأسد متحدياً في خطابه لاغياً فكرة الليونة التي تمس السيادة السورية· لقد كان الخطاب السوري قوياً لا بكلماته الطنانة أو بالحشد الجماهيري والتصفيق بل بما تضمنه من رسائل واضحة·
وهنا أود أن أقرأ قليلاً في بعض هذه النقاط والرسائل السورية: أولى هذه النقاط ويمكن اعتبارها الأهم، هي الرسالة السورية الموجهة إلى كل طرف يحاول أن يفاوض الأسد من أسفل الطاولة مفادها الرفض النهائي لمبدأ التنازلات المبدئية ومنح البراءة السورية مقابل تنفيذها أمورا أخرى· لقد أعلن الأسد صراحة أنه يريد التفاوض فوق الطاولة وعلى المكشوف أمام شعبه·
ثانية النقاط تمثلت في اختيار الأسد للمقاومة بدلاً من الفوضى لينهي بذلك الأقاويل التي تدور في الساحة السورية خصوصاً والعربية عموماً حول الموقف السوري· فقد شرح الأسد الوضع السياسي للملأ معتبراً أن سوريا مهما تعاونت لن تنجو من المخطط المرسوم للمنطقة ككل·
ثالثة هذه النقاط كانت إعلان الأسد عدم الانحناء مع الشعب السوري لأحد معتبراً أن الوطن السوري لا ينحني إلا لخالقه·
رابعة هذه النقاط كانت الإعلان السوري عن الاستمرار في دعم الأمم المتحدة والمساعدة القصوى في كشف عملية اغتيال الحريري، لكنه نبه بالمقابل إلى أن السيادة السورية والمصلحة الوطنية السورية أهم مما يقرره مجلس الأمن· ولم ينسَ الأسد التلميح أيضاً إلى عملية الكيل بمكيالين وخاصة فيما يتعلق بالإسرائيليين·
هكذا نرى أن تلك النقاط الأربع شكلت محوراً أساسياً لخروج الخطاب السوري قوياً وشاملاً لجميع من يرتبط بالموضوع السوري، فقد أبدى التعاون لمن يرغب بالتعاون وأبدى التحدي لمن يرغب بالتحدي· هذا هو الخطاب الذي اعتبره الغالبية قوياً، فنال التصفيق والاستحسان من أناس ونال السخط من آخرين· لكنه يبقى بمجمله خطاباً قوياً·
جميل لحام - أبوظبي