ثقافتنا الإسلامية طريق للخلاص
في مقاله المنشور في ''وجهات نظر'' يوم أمس الثلاثاء، والمعنون بـ''الثقافة المستحيلة''، أشار الدكتور أحمد البغدادي إلى فقر العرب والمسلمين في ثقافة الحوار والتسامح، وانتهى إلى استحالة بعث مثل هذه الثقافة في ظل هيمنة الخطاب الديني·
لكني أود أن أذكر القارئ بأنَّ ثقافة الحوار والتسامح أصل من أصول الخطاب الإسلامي؛ ففي القرآن الكريم حوار مع الملائكة والشياطين ومع الظلمة والجبابرة والمستبدين والحكام العادلين ومع الصالحين من البشر والمجرمين· كما أكد هذه الثقافة منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة وخطابه للمشركين وأتباعه من المؤمنين، الأمر الذي يدل على تجذر ثقافة الحوار والتسامح وقبول الآخر في نصوص الشرع وتعاليم الدين الإسلامي الخنيف·
وقد سادت هذه الثقافة حياة المسلمين، ونجدها في مجالسهم العلمية ومناظراتهم وكتبهم وعلاقاتهم فيما بينهم، وفيما بينهم وبين غيرهم ممن اختلف معهم من أصحاب الملل والنحل· ولم يضق المسلمون بالحوار والتسامح إلا حينما بعدوا عن ذلك المنهج الإلهي والهدي النبوي، وآذنت شمس حضارتهم بالمغيب·
ولا أحسب أن تعدد الجماعات الدينية وتنوع مناهجها، يعد مظهراً سلبياً، كما ذهب الدكتور البغدادي، وإنما السلبية المعيبة تتمثل في التعصب للرأي، ورفض الآخر، والإقصاء واتهام الآخر بالباطل من غير بينة ولا برهان·
ولو أردنا العافية للأمة، فعلينا بعث تلك الثقافة الأصيلة، والتأكيد عليها في مناهجنا التربوية ومؤسساتنا التعليمية والالتزام بها في أجهزتنا الإعلامية ومنابرنا الثقافية، هذا مع الاستفادة من الثقافات الإنسانية التي تتلاءم مع قيمنا، فهذا هو طريق الخلاص والنجاة الوحيد الممكن -على الرغم من صعوبته- وهو طريق يمكن من خلاله أن تعود الأمة إلى رشدها·
د· أحمد محمد أحمد الجلي- جامعة أبوظبي