بالتأكيد شعر الكثيرون بالارتياح لقرار الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية بإلغاء نحو عشرة آلاف مخالفة للإشارات الضوئية الحمراء، تم تسجيلها في الأسبوع الأول من بدء تشغيل نظام كاميرات المراقبة الجديدة على التقاطعات الضوئية بمدينة أبوظبي·
وإذا كان قرار سموه قد نص على إبقاء هذه المخالفات كأسبقيات بحق مرتكبيها، فإنه ينطوي أيضا على رسائل عديدة تضاف إلى ما أعلن عنه من أن إلغاء المخالفات المذكورة هو بمنزلة رسالة تحذير موجّهة لجميع السائقين، القصد منها التعامل مع الإشارات الضوئية الحمراء بجدية تامة· ومن بين ''الرسائل'' المهمة في هذا القرار أن أي إجراءات مرورية جديدة تستهدف بالدرجة الأولى تأمين حياة مستخدمي الطرق وضمان السلامة المرورية، ولا تهدف مطلقا إلى زيادة التحصيل المالي كما يحلو للكثيرين أن يرددوا ويشيعوا ضمن تبريراتهم الواهية للرعونة والاستهتار بالقواعد المرورية·
والمؤكد أن أي إجراءات جديدة مروريةً كانت أو في مجالات أخرى تستهدف بالأساس تنظيم التعامل بين البشر وتسهيل الحياة اليومية من خلال توفير قنوات وآليات واضحة لفضّ أي تقاطعات أو تداخلات في المعاملات سواء كانت مرورية أوغيرها، وعكس ذلك هو الفوضى بعينها، وهذه الفوضى يمكن أن تفرز تأثيرات سلبية تعوّق الأداء الإداري وتعرقل انسياب العمل في بعض القطاعات، ولكن نتائج هذه الفوضى في قطاعات حيوية، مثل المرور على وجه التحديد، يمكن أن تفضي إلى كوارث إنسانية·
والمؤكد أن استعراض الأرقام والإحصاءات يكشف عن حتمية اعتماد الصرامة والحزم كأدوات لازمة للحدّ من التهور المروري، حيث تشير الأرقام إلى أن معدل الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية في الإمارات يعدّ من أعلى المعدلات في العالم مقارنة مع دول مثل الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والسويد، وما يلفت الانتباه أن السنوات الأخيرة قد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الوفيات المرورية· كما تشير الإحصاءات المرورية أيضا إلى أن معدلات السرعة الزائدة تتسبب في نحو 49% من الحوادث التي تشهدها شوارع الدولة ومدنها، بل إن هناك تحذيرات صدرت عن خبراء متخصصين من أن تقفز الحوادث المرورية في السنوات المقبلة كي تحتل صدارة الأسباب والعوامل المسببة للوفاة في الدولة!· وتوضح الإحصاءات أيضا أن هناك شخصاً واحداً يتعرض للإصابة كل ساعتين، في حين يلقى شخص حتفه كل 12 ساعة تقريباً من جراء حوادث المرور، وبالطبع لا يقتصر ضحايا حوادث المرور على قائدي ومستخدمي المركبات، بل أيضا يطال المارة في الشوارع والطرقات·
تجنّب الحوادث وحماية الأرواح يستحقان من الدولة ما تبذله من جهد مروري واضح وملموس، ولكن هذه الحماية تستحق أيضا من السائقين استيعاب مغزى هذه الجهود والتعاون الحقيقي معها بما يخفف من وطأة الحوادث وبما يعكس أيضا الوعي بخطورة القيادة المتهورة، لا سيما بعد أن ثبت للجميع من خلال قرار إلغاء هذا الكم الهائل من المخالفات الهدف الحقيقي للسلطات من تعزيز الرقابة على التقاطعات الضوئية·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae