لم يكن مشهد ثوب الفرح الذي تلطخ بالدماء سوى أحد مشاهد صورة شديدة القتامة رسم تفاصيلها الإرهاب البغيض في العاصمة الأردنية عمان، فالصورة حافلة بالمشاهد المروعة التي تفرض سؤالا حائرا·· ماذا يريد هؤلاء من القتل؟·· ما الرسالة التي يريدون تقديمها من استباحة دماء الأبرياء بلا وازع من ضمير؟·
المخرج السوري الهوية الأميركي الجنسية العالمي الحضور على الساحة الفنية فقد ابنته في أحد التفجيرات، ثم لحق بها بعد أن عجز قلبه عن استيعاب ما حدث فتوقف احتجاجا أو يأسا·· فيما سيرته الفنية الذاتية تقول إنه سخّر جانبا كبيرا من حياته العملية لتقديم الصورة الحقيقية للإسلام الحضارة والقيم والمبادئ والأخلاق عبر فيلم الرسالة ومن بعده فيلم عمر المختار· سيرته الذاتية تقول إن حلمه الأخير الذي لم يمهله الإرهاب لتحقيقه كان إنتاج فيلم عن صلاح الدين الأيوبي يقدم من خلاله الصورة الحقيقية والصحيحة للإسلام، ولكن حلفاء الشيطان لم يمهلوه ربما لأن مشروعه يتعارض مع مشروعهم الذي يهدف إلى اغتيال حضارة وتشويه أمة·
ومرة أخرى يتكرر السؤال العبثي الحائر: ماذا يريدون من القتل؟·· ماذا يريدون من قتل أم طفل وليد لا يتجاوز عمره شهورا تعد على أصابع اليد الواحدة كل جريمتها أنها اصطحبت وليدها لحضور حفل عرس ربما لاقتناص لحظة فرح في زمن العنف والخوف والقهر، فتركته يتيما وحيدا مصابا باكيا لا يعرف ما الذي حدث ولا لماذا؟· ماذا يريدون من قتل 17 شخصا من أسرة فلسطينية واحدة جاءوا من الأراضي المحتلة حاملين بعض الأمل في الحياة والسلام ليعودوا إلى الوطن الجريح في نعوش الموت؟·
لم يعد البحث عن إجابة على هذه التساؤلات مجديا، فالإرهاب ماض في طريقه ينشر ثقافة الموت ويستمتع بإشاعة الخراب ويتلذذ بتدمير الحضارة التي يستتر خلف رايتها· الأهم من طرح التساؤلات هو التعامل مع الكارثة بحكمة وجدية، فزعيم الإرهاب الزرقاوي الذي تباهى تنظيمه بتنفيذ التفجيرات الإجرامية في العاصمة الأردنية لم يعد اسما لشخص سادي لا يرتوي بغير الدماء بل أصبح رمزا لمؤسسة إرهابية متكاملة الأركان، لها مصادر تمويل ولها من يساعدها في الخفاء لأسباب مشبوهة· مؤسسة الإرهاب التي روعت الآمنين في طابا وشرم الشيخ، في العقبة وعمان، في بيروت والرياض، والتي تمارس القتل مرات ومرات كل يوم في العراق، لن تتراجع أمام بيانات الشجب والتنديد ولا حتى الوعيد·· هذه المؤسسة الشيطانية لن يردعها سوى تعاون عربي كامل وحقيقي·· مكافحة الإرهاب الذي تمادى واستشرى يجب أن تكون مشروعا قوميا يلتف حوله العرب ولو لمرة واحدة، وقبل فوات الأوان·