اندلعت أعمال عنف شديدة في باريس منذ يوم 27 أكتوبر الماضي بعد مقتل شابين من أصول عربية وأفريقية· وقد أصابت هذه الأحداث أوروبا بصدمة شديدة، فهؤلاء الشباب الذين قاموا بأعمال العنف من الجيل الثالث من المهاجرين، فهم أبناء أوروبا، إذ ولدوا ونشأوا في فرنسا· والآن يدور نقاش شديد في أوروبا حول الشباب المسلم، ففي بريطانيا مثلاً، عرضت ''القناة الرابعة'' يوم 24 أكتوبر الماضي برنامجاً بعنوان ''الشباب المسلم الغاضب''، وصف فيه مذيع البرنامج المسلمين قائلاً: ''إن الجالية الإسلامية هي من أفقر الجاليات في بريطانيا وأقلها تعليماً وتنتشر فيها البطالة بشدة''، وعزا مقدم البرنامج كل ذلك إلى ضياع الهوية عند المسلمين، فهو يرى أن هذا الشباب اليائس لم يستطع الاندماج في المجتمع فثار عليه·
إن شريحة لا بأس بها من المسلمين في أوروبا قد نجحت أكاديمياً واقتصادياً، وأما معاناة الشريحة الأوسع فإنما ترجع إلى التمييز العنصري الواضح ضد المسلمين، ففي فرنسا يواجه المسلمون صعوبة بالغة في الحصول على عمل بسبب أسمائهم وسحنتهم العربية حتى ولو كانوا من حملة الشهادات العليا، ولذلك يضطرون للقيام بأشغال هامشية، ويعيشون في أحياء فقيرة· أما بالنسبة لقضية الهوية عند الشاب المسلم، فالهوية هي منظومة القيم التي يعتنقها الشباب ويعيش حياته على أساسها، وتتمثل هذه بالإسلام، فالمسلم في أوروبا ليس بفاقدٍ الهوية كما يدعون، وإنما هو يُحارَب بشكل لا هوادة فيه بسبب هويته، وهذا ما شاهدناه جليا في قضية الحجاب في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية·
إن أسّ المشكلة هي النظرة الاستعمارية والدونية التي يحملها الغرب ويمارسها بحق من يختلف عنهم في العرق والدين، وما لم تتغير هذه النظرة فستبقى المشكلة قائمة وبانتظار المزيد من الثورات كتلك التي نشاهدها في باريس·
طارق حمدي- لندن