تتعمق أزمة الإدارة الأميركية الداخلية بسبب الحرب على العراق، بعدما اجتمع عليها تآكل شعبيتها وبدايات تفكك المعسكر المؤيد لها· وتبين آخر الاستطلاعات أن أغلبية الشعب الأميركي ترى خطل الذهاب إلى الحرب ضد العراق· وفيما كان القليل من الأميركيين يرون قبل سنة ضرورة خروج القوات الأميركية بأسرع ما يمكن، أصبحت هناك أكثرية واضحة تدعو إلى ذلك· وما يزيد هلع الإدارة وخوفها أن 50% ممن استطلعت آراؤهم من الأميركيين يحبذون محاكمة الرئيس الأميركي في حال كذبه بشأن أسباب الحرب· هذه الاستطلاعات، بحد ذاتها، تؤرق الإدارة الأميركية· لكن القلق سيصبح الآن كابوساً بعد ظهور علامات التمرد داخل معسكر بوش· فالإدارة يتجاذبها همّان، الخوف من تآكل التأييد الذي يضمنه لها الشعب الأميركي، والتوجس من تصدع قاعدتها المحافظة· وكل واحد منهما يشد باتجاه·
الرأي العام الأميركي يريد مخرجا من الحرب في العراق، ويطالب بالانسحاب· والامتناع عن الاستجابة يهدد فرص الحزب الجمهوري في الانتخابات البينية المقبلة· وقد يكون مآل ذلك خسارته الأكثرية في مجلسي الكونجرس، النواب والشيوخ، وهو أمر بدأ يدفع بالبعض من المعتدلين لمطالبة الإدارة بوضع استراتيجية للخروج· أما عصبة ''المحافظين الجدد''، فقد أصبحوا مسكونين بالخوف من استجابة الإدارة لمطالب الانسحاب فينهار مشروعهم·
وبدا واضحا رعبهم من انصياع الإدارة لمطالب الشعب الأميركي بضرورة الانسحاب، كما أصبحوا يعلنون عن سخطهم من الإدارة تصريحاً وتلميحاً· والأمر الذي يهدد أيضاً وحدة ''الجمهوريين''، وبالتالي فرصهم في الانتخابات الأميركية المقبلة، وهو ما تخشاه الإدارة وقيادة الحزب· الوضع أصبح يشكل مأزقا، الاستجابة فيه للرأي العام تهدد وحدة الحزب، وفرصه في الانتخابات، والاستجابة فيه للمحافظين الجدد قد تدفع الرأي العام للتصويت ضدهم، ما قد يدفع إلى البحث عن مغامرات تلهي عن الواقع، أو انتصارات سريعة ذات طنين·
عبدالحميد إبراهيم- دبي