هل عادت طيور هتشكوك؟··· تلك الطيور الشرسة القاتلة والمرعبة التي صورها الفنان العالمي الكبير هتشكوك في فيلم الرعب الشهير ''الطيور'' والذي غير صورة الطيور في أذهاننا بعد أن كنا نراها مخلوقات لطيفة ومسالمة لنراها قاتلة وعنيفة··· أم أنه غضب الطبيعة؟··· فكم هو مرعب هذا الغضب··· فتسونامي كشف عجز الإنسان وضعفه··· والزلازل والحرائق والفيضانات تحرج كل الأقوياء··· واليوم تأتي تلك الطيور الضعيفة وتحمل مرضها معها وتنتقل بكل عفوية من مكان إلى آخر دون أن تدرك أنها جعلت العالم بأسره في حالة استنفار قصوى وجعلت تلك الطيور الصغيرة البشرية بكل ما تمتلكه من عقول وتكنولوجيا متطورة عاجزة وغير قادرة على فعل شيء تجاه ذلك الموت الطائر!
دخل مرض أنفلونزا الطيور غربي آسيا وأوروبا منذ يناير 2004 ومنذ ظهوره في العام 2003 وحتى اليوم تسبب في إصابة 117 شخصا بهذا المرض عند الإنسان نصفها كان من الوفيات، فقد تم تسجيل ستين حالة وفاة· وكانت الحالة الأولى لظهور المرض عند الإنسان من الطيور في سنة 1997 عندما كان انتشار واسع لأنفلونزا الطيور في هونغ كونغ وقد سبب هذا الفيروس إصابات صعبة في طرق التنفس في 18 حالة من الناس وتوفى 6 منهم·
وفيروس أنفلونزا الطيور (H5N1 ) هو من أنواع أنفلونزا (A) وقد وجد هذا الفيروس أساساً عند الطيور في جنوب أفريقيا سنة 1961 وهو منتشر بين الطيور في جميع أنحاء العالم· وينتج هذا المرض عن نوع من أنواع فيروسات الأنفلونزا التي تصيب الطيور· وتوجد هذه فيروسات عند الطيور البرية في جميع أنحاء العالم وهي تحمل هذه الفيروسات داخل أمعائها غير أنها لا تمرض نتيجة لذلك· وهذا الفيروس سريع العدوى بين الطيور وقد يحدث أن يحول بعض الطيور المنزلية مثل الدجاج والإوز والديك الرومي إلى طيور مريضة جداً ويسبب لها الوفاة·
وفي وقت سابق من هذه السنة حثت منظمة الصحة العالمية كل البلدان على تطوير استعداداتها إزاء خطر انتشار الفيروس بعدما قدر الخبراء أن ما بين مليونين ومئة وخمسين مليون شخص قد يلقون حتفهم إذا ما انتشر ولم يكن العالم مستعدا له· وفي سبتمبر الماضي أعلنت وزيرة الصحة الإندونيسية اكتساب مرض أنفلونزا الطيور صفة الوباء بعدما انتشر في العاصمة جاكرتا وتسبب في وفاة أربعة أشخاص وإصابة آخرين· بعد هذا الإعلان كان من الطبيعي أن يستنفر العالم ويتحرك قبل انتشار الوباء بشكل أكبر، وخصوصا بعد ظهور حالات المرض بين الطيور في ثماني دول في آسيا وهي: كمبوديا، الصين، إندونيسيا، اليابان، لاوس، كوريا الجنوبية، تايلاند وفيتنام· وكان ذلك بين عامي 2003 و2004 وتم خلالها إعدام 100 مليون طائر في هذه البلاد محاولة لمنع انتشار الوباء·
في الدول العربية أعلنت الدوائر الصحية الاستنفار لمواجهة احتمال تفشي وباء أنفلونزا الطيور، وفي الإمارات تم التعامل مع هذا الخطر بجدية ووضوح؛ فقد تم تشكيل لجنة طوارئ وطنية لمتابعة مرض أنفلونزا الطيور برئاسة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة للشؤون الخارجية، تسعى من خلالها إلى وضع صيغة تعاون بين كل من وزارة الصحة، ووزارة الزراعة، والشرطة، والقوات المسلحة، والبلديات، والأغذية، والجمارك والأجهزة الصحية والغذائية والأمنية ذات العلاقة للمشاركة من خلال فريق عمل موحد لتشكيل جبهة داخلية يتفاعل معها المجتمع إلى حين زوال الطارئ·
وعلى الرغم من كثرة الكلام حول مرض أنفلونزا الطيور، إلا أن من الواضح أن هناك جهلاً بين الناس بخطورة هذا المرض، لذا كان من المهم أن نبحث عن بعض المعلومات عن هذا المرض· وفي البداية نتساءل ما الفرق بين أنفلونزا الطيور والأنفلونزا المعروفة التي تصيب الإنسان في فترات الشتاء؟ وهل تعطس الطيور كما يعطس الإنسان المصاب بالأنفلونزا؟
يعتقد العلماء أن بعض الأجزاء الوراثية من أنفلونزا (A) التي تصيب الإنسان كان مصدرها أساسا في الماضي عند الطيور؛ ففيروسات أنفلونزا (A) تتغير بطريقة دائمة، وقد تتكيف وتكون مستعدة أن تنقل العدوى وتنتشر عند الإنسان وفيروس أنفلونزا الطيور كما يدل اسمه يصيب أساسا الطيور والمخاطر التي تصيب الإنسان منه ضئيلة، ولكن إذا حصل انتشار للمرض على نطاق واسع عند الطيور مثل الطيور المنزلية، فهناك إمكانية انتقاله إلى الناس (أي من الطير المصاب إلى الإنسان)، وذلك إذا لمس الإنسان فضلات هذه الطيور أو الطيور نفسها· فالوباء الحالي لأنفلونزا الطيور (H5N1 ) من نوع (A) مثل على انتشار واسع لهذه الأنفلونزا التي سببت وفيات وإصابات عند الإنسان·
وبحسب رأي العلماء فإنه لا يوجد أي دليل يؤكد انتقال أنفلونزا الطيور من إنسان إلى إنسان آخر· ولكن من منطلق الاهتمام والقلق من شدة واحتمالات الانتشار الواسع الذي قد يحدث عند الإنسان، فإن جهات الصحة العامة تترقب الحالات المرضية التي قد تظهر عند الإنسان نتيجة أنفلونزا الطيور·
ورغم أن انتشار فيروس أنفلونزا الطيور من إنسان إلى آخر هو نادر الحصول إلا أن هناك قا