الاضطرابات التي شهدتها فرنسا تشي بأزمة مستعصية تتلخص في أن الفرنسيين لم ينجحوا في ادماج جحافل المهاجرين الفارين من وطأة الفقر والقهر في بلدان أفريقيا· الفرنسيون لم يستطيعوا محاكاة النموذج الأميركي، القائم على فلسفة ''بوتقة الصهر'' التي تذوب فيها الانتماءات العرقية والمذهبية من أجل انتاج ولاء وطني يعزز التكامل القومي، وهو ما نراه اليوم في الولايات المتحدة·
الفرنسيون لم يدركوا خطورة الموقف، ولم يتعاملوا بحذر مع مشكلات المهاجرين، والنتيجة اضطرابات وأعمال شغب· اضطرابات باريس ستضطر معها الحكومة الفرنسية لمراجعة كافة سياسات الهجرة، وستضطر أيضاً إلى البحث عن وسائل ناجعة لإدماج هؤلاء المهاجرين في المجتمع الفرنسي، كي لا تتأثر صورة فرنسا سلباً بأحداث العنف· لكن لماذا تحمل أوروبا والغرب عموماً عبء هؤلاء المهاجرين؟ ولماذا يلقي البعض اللوم على الحكومات الغربية كونها لم توفر للمهاجرين الوطن والعمل والمأوى؟ في الحقيقة يبدو أن مشكلة المهاجرين ما هي إلا نتاج طبيعي لفشل دول الجنوب، وهو فشل يأتي في أغلب الأحوال من الفساد والديكتاتورية، اللذين يوفران مناخاً طارداً للبشر ومشجعاً على الهجرة من أجل فرصة عمل أو ملاذ آمن·
يوسف مرزوق- القاهرة