لم يكن مفاجئا لغالبية المتابعين لشأن السودان، ذلك الانقسام الذي ظهر لأول مرة إلى العلن خلال مؤتمر حركة التمرد الرئيسية في إقليم دارفور! فخلال مؤتمرها الأول الذي انعقد مؤخرا في بلدة حدودية نائية، اختلف القادة البارزون في ''حركة تحرير السودان'' التي تقاتل الحكومة في دار فور منذ عامين، وظهر جليا مدى الصراع القائم بين جناحي رئيس الحركة عبد الواحد محمد نور وجناح أمينها العام أركو ميتاوي الذي بسط هيمنته على المؤتمر، فيما تغيب نور متعللا بأنه لم يتلق دعوة لحضور المؤتمر ومن ثم اعتبره حركة انقلابية موجهة ضده! لكننا نعلم أن المؤتمر كان مقررا منذ عدة أشهر، وأن الخلافات بين قادة الحركة تعمقت قبيل انعقاده بشكل ملحوظ، مما جعل رئيسها يتردد في الحضور، ربما خشية أن يتعرض للتصفية الجسدية على أيدي خصومه· ومما يعزز ذلك الاحتمال أن ميتاوي حضر إلى موقع المؤتمر مرفقا بمئات المقاتلين في استعراض عسكري لافت، خاصة بالنظر إلى ما يقال من أن ميتاوي مدعوم بتأييد الجناح العسكري للحركة، والذي بات يظهر تذمره أكثر فأكثر من عبد الواحد محمد نور·
وإذا ما أُعلن في الأيام القادمة عن قرارات بإقصاء نور عمليا من قيادة الحركة لصالح ميتاوي وأنصاره في قيادة الجناح العسكري، فذلك سيعني تعثرا في مسيرة التمرد، بقدر ما سيعني انتصارا لنهج التشدد وفلسفة العنف داخل الحركة، مما يزيد تعقيدا آخر في إقليم دارفور على تعقيداته العويصة أصلا!
عمر خليفة - واد مدني